للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[استرداد هبة الشخص ذوى قرباه]

قال سحنون ولو وهب الرجل لعمته أو لعمه أو لجدته أو لجده أو لاخته أو ابن عمه هبة أو وهب لقرابته ممن ليس بينه وبينهم محرم أو لقرابته ممن بينه وبينهم محرم فان كان يعلم أنه أراد بها وجه الثواب فان أثابوه والا استرجع هبته وما وهبت من هبة يعلم أنه لم يرد بها وجه الثواب فلا ثواب له مثل أن يكون غنيا فيصل بعض قرابته فيزعم أنه أراد به الثواب فهذا لا يصدق على ذلك ولا ثواب للواهب ولا رجعة له فى هبته وهذا قول مالك (١).

[حكم استرداد الاب ما وهبه لابنه]

وللأب فقط‍ لا الجد أن يعتصر الهبة من ولده الحر ذكرا كان أو أنثى صغيراً أو كبيراً غنيا أو فقيرا أى له أن يأخذها منه جبرا بلا عوض حتى ولو جازها الابن بأن يقول رجعت فيما وهبته له أو أخذتها أو اعتصرتها فلا يشترط‍ لفظ‍ الاعتصار على الاظهر لعدم معرفة العامة له غالبا وكذا للأم فقط‍ أن تعتصر ما وهبته لولدها فقط‍ اذا كان صغيرا ذا أب ولو مجنونا جنونا مطبقا أما ان كان الولد يتيما فليس لها أن تعتصر منه ما وهبته ولو بلغ لانه كان يتيما حين الهبة فتعد تلك الهبة كالصدقة وسواء كان الابن والاب معسرين أو موسرين أو أحدهما معسرا والآخر ميسرا فان تيتم الولد بعد هبتها له فى حياة أبيه فلها الاعتصار بعد موت أبيه على المختار لان الهبة لم تكن بمعنى الصدقة حين الهبة لوجود أبيه وان وهبت لولدها الكبير فان لها الحق فى الاعتصار مطلقا سواء كان له أب أم لا أما اذا كان الاب أو الام قد أرادا بهبتهما لابنهما ثواب الآخرة لا مجرد ذات الولد فلا حق لهما فى الاعتصار وكذا ان أراد الصلة والحنان لكونه محتاجا أو بائنا عن أبيه أو خاملا بين الناس كصدقة وقعت بلفظها من غير أن يشترط‍ الاعتصار فان شرط‍ أن يرجع فيما تصدق به على ولده أو فيما أعطاه له على وجه الصلة كان له الرجوع فيه عملا بشرطه وكذا لا حق للأب فى اعتصار الهبة من ابنه ان فاتت الهبة عند الموهوب له ببيع أو هبة أو عتق أو تدبير أو بجعل الدنانير حليا أو نحو ذلك ولاحق له فى اعتصارها ان زادت زيادة فى الذات سواء كانت معنوية كتعليم صنعة أو حسية ككبر صغير وسمن هزيل ومثل ذلك ما اذا نقصت كذلك وكذا يسقط‍ حق الاعتصار بخلط‍ مثلى بغيره دارهم أو غيرها فليس للأب حينئذ اعتصارها وكذا يسقط‍ حق الابوين فى اعتصار هبة ابنه اذا كان الاجنبى قد عقد النكاح لهذا الابن الموهوب له أو عقد


(١) المدونة الكبرى للامام مالك ج ١٥ ص ١٣٩، ص ١٤٠ الطبعة السابقة.