للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الثانى: ممن يرقون بسبب الاسر ذاته]

وهم من يكونون للغانمين وليس للمسلمين أو للجيش وانما يختص به الآخذ.

فهؤلاء لا يكون للامام فيهم نظر، ولكن يتملكهم الآسر فور أسرهم. ويسترقون بمجرد الأسر.

وهناك أحوال يتملك فيها الآسر الاسير ويختص به وحده دون عامة المسلمين أو الجيش فلا ينتظر حتى يتقرر فيه المن أو الفداء أو القتل، ولا أن يقع فى قسم رجل أو يباع.

مذهب الحنفية (١):

يكون الاسير ملكا لجماعة المسلمين أولا، وذلك متى حازوه فى دار الاسلام بدخولهم به اليها، حتى يقع فى ملك أحد الغزاة بالقسمة أو يباع بعد أن يرى الامام استحياءه، ان كان ممن يجوز استرقاقهم الا أن عندهم أحوالا يكون فيها الاسير ملكا للآسر بالاخذ.

وهى اذا أخذ الاسير فيئا أو نفلا أو أسره من لا منعة له تلصصا.

فاذا كان الاسير قد أخذ فيئا، وذلك بأن يقع غنيمة للمسلمين بغير ايجاف خيل ولا ركاب أى بدون أن يحملوا عليه بالقوة. فعند الحنفية خلاف فى الفئ (٢).

فقال الامام أبو حنيفة: اذا دخل الحربى دار الاسلام بغير أمان فأخذه أحد المسلمين كان لجماعة المسلمين ولا يختص به الآسر.

وقال محمد وأبو يوسف: يكون للآسر وليس لجماعة المسلمين لان سبب الملك عندهما هى يد حقيقية هى يد الآخذ بالاستيلاء، وهى مقدمة على يد أهل الاسلام لان يدهم حكمية.

وكذلك يختص المنفل بما نفله الامام له.

والنفل هو اعطاء الامام لاحد المقاتلين فوق سهمه وقت القتال حثا وتحريضا، كأن يقول من قتل قتيلا فله سلبه. أو يقول من أخذ شيئا فهو له أو من افتتح قلعة فله جارية منها أو من أسر أسيرا فهو له.

وذلك لاثارة حميتهم على القتال ودفعهم له وهو جائز وقت القتال وأما بعد الاصابة فقد قيل فى الرأى الارجح. لا يجوز النفل.

وقيل فى رأى آخر يجوز.

وعلى أية حال فانه لا نفل بعد الدخول بالغنيمة الى دار الاسلام واحرازها بها.

وقالوا (٣) - ان حكم النفل هو اختصاص صاحبه به وقطع حق الباقين فى تملك الاسير المغنوم.

لا خلاف فى ذلك.

وانما اختلفوا فى وقت تملك المنفل لها.

فقال الامام أبو حنيفة: لا يملكها الا فى دار الاسلام، أى بدخولهم بها واحرازهم لها


(١) المبسوط‍ للسرخسى ح‍ ١٠ ص ٥٣ مطبعة السعادة بالقاهرة سنة ١٣٢٤، وبدائع الصنائع ح‍ ٧ ص ١٢٢. المرجع السابق وشرح الدر المختار ج‍ ١ ص ٤٦١، المرجع السابق.
(٢) بدائع الصنائع ح‍ ٧ ص ١١٦ «المرجع السابق» وحاشية ابن عابدين ح‍ ٣ ص ٣٢٨.
(٣) السير الكبير للامام محمد ح‍ ٢ ص ٥٢٩، ح‍ ٣ ص ١٠٣٢، المرجع السابق، والمبسوط‍ للسرخسى ح‍ ١٠ ص ٤٧، ٤٩، المرجع السابق، وبدائع الصنائع ح‍ ٧ ص ١٢٩، المرجع السابق، وشرح الدر المختار ح‍ ١ ص ٤٦٣، ٤٦٤، المرجع السابق.