للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسائر ما يقبل النيابة، وان توقف على النية، لما فيها من شائبة المال.

كما تصح فى كل ما لا تجب فيه نية، وتصح فى المباحات كالاصطياد وتصح فى تجهيز ميت ودفنه وفى تعليم القرآن كله أو بعضه وان تعين على الأجير تعليمه للحديث السابق ذكره، ولا تصح لقضاء ولا لتدريس علم الا اذا عين المتعلم وما سيتعلمه ولا تصح لقراءة شئ من القرآن أو الحديث (١).

[مذهب الحنابلة]

وذهب الحنابلة الى أنه لا تصح الاجارة على عمل لا يقع من فاعله الا قربة له كالحج والعمرة والأذان والاقامة والامامة والصلاة وتعليم القرآن والفقه والحديث والقضاء، لما روى عبادة بن الصامت قال: علمت ناسا من أهل الصفة القرآن فأهدى لى رجل منهم قوسا فذكرت للنبى صلّى الله عليه وسلّم فقال: «ان سرك أن يقلدك الله قوسا من نار فاقبلها» رواه أبو داود.

وتصح الاجارة على ذبح الأضحية والهدى وتفرقة الصدقة وعلى تعليم الخط‍ والحساب والشعر المباح وعلى بناء المساجد والقناطر وفى استئجار والد ولده لخدمته خلافا للحنفية (٢).

[مذهب الظاهرية]

وقال ابن حزم الظاهرى فى المحلى: ولا تجوز الاجارة على الصلاة ولا على الأذان ولكن يعطى عليهما الامام من أموال المسلمين على وجه الصلة ويصح أن يستأجر الامام والمؤذن من أهل المسجد على الحضور معهم عند حلول أوقات الصلاة مدة معينة فيقومان بهما فى وقتهما لحضورهما كما لا تجوز الاجارة على واجب تعين على الأجير من صوم أو صلاة أو حج أو فتيا أو غير ذلك ولا على معصية أصلا لأن كل ذلك أكل للمال بالباطل، لأن الطاعة المفترضة لا بد من عملها، والمعصية مفترض اجتنابها، فأخذ الأجرة على ذلك لا وجه له (٣).

ثم قال بعد ذلك: وجاز للمرء أن يأخذ الأجرة على فعل ذلك عن غيره مثل أن يحج عنه التطوع أو يصلى عنه التطوع أو يؤذن عنه التطوع أو يصوم عنه التطوع لأن كل ذلك ليس واجبا على أحدهما ولا عليهما والعامل يعمله عن غيره لا عن نفسه فلم يطع فى ذلك ولم يعص، أما المستأجر فقد أنفق ماله فى ذلك تطوعا لله تعالى فله أجر ما اكتسب بماله.

ثم قال: ولا تجوز الاجارة فى أداء فرض من ذلك الا عن عاجز أو ميت لما ورد فى ذلك من نصوص فى الحج والصيام تدل على جواز أن يعملها المرء عن غيره، فكان الاستئجار فى ذلك جائزا لأنه لم يأت عنه نهى.

وكذلك الصلاة المنسية وما فات وقتها بالنوم والمنذورة اذ هى لازمة للمرء الى


(١) نهاية المحتاج ج‍ ٥ ص ٢٨٧ وما بعدها.
(٢) كشاف القناع ج‍ ٢ ص ٢٩٢، ٣٠٠ وما بعدها.
(٣) المحلى ج‍ ٨ ص ١٩١ مسألة ١٣٠٢، ص ١٩٢، ١٣٠٣.