للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان القوم فوق وكان الإمام أسفل فلا بأس بصلاتهم ولو لم يكن معه أحد وقال بعض يحتاج إلى من يكون معه على كل حال سواء كان الإمام فوق أو كان أسفل أو خارجا أو داخلا لكى يصيب من يستخلف والله أعلم. وأما إذا كان الإمام في المسجد فلا بأس على من يصلى إليه من خارج المسجد والله أعلم. وإن حال بين القوم وبين إمامهم طريق شارع أو نهر جار أو مقبرة أو مذبلة أو مجزرة أو معاطن الإبل أو كان بينه وبينهم نجس فلا يفعلوا ذلك لأن هذه الأشياء تقطع على المصلى صلاته إذا كانت بينه وبين سترته وإن فعلوا فلا يعبدون صلاتهم وهذا على مذهب الذين لم يعتبروا ما يقطع على المصلى صلاته ما لم يسجد عليه ولا تصلى جماعتان صلاة واحدة في المسجد وذلك لأجل ما يدخل عليهم من الاختلاف في ذلك ألا ترى إلى قوله عليه السلام: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة". متفق عليه. أو قال: "صلاة الجماعة مع الإمام" وإن فعلوا فليس عليهم إعادة وكذلك إن أحرم الإمام داخلا في المسجد ثم خرج بعذر فأتم الصلاة خارجا فلا تصلى بالجماعة تلك الصلاة في ذلك المسجد وإما إن أحرم الإمام بالناس خارجا فأتم الصلاة داخلا في المسجد بعذر فلا بأس بتلك الصلاة بالجماعة في ذلك المسجد وإنما ينظر في ذلك إلى موضع أحرم فيه الإِمام، أما بالنسبة لصلاة الجنازة فقد جاء في الإيضاح: من أراد (١) أن يصلى على الميت فإنه يستقبل من الذكر رأسه ومن المرأة صدرها وقال بعضهم بعكس هذا وعلى هذا إن صلت المرأة على الميت فإنها تستقبل خلاف ما يستقبل الرجل أعنى تستقبل الرأس في موضع يستقبل فيه الرجل الصدر والصدر في موضع يستقبل فيه الرأس وقال قوم يقوم حيال الصدر رجلا كان أو امرأة. وهذا القول دليله ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى على امرأة فقام نحو وسطها. رواه البيهقى وأبو داود والدارقطنى، والرجل والمرأة في ذلك سواء لأن حكمهما واحد إلا إن ثبت في ذلك فرق شرعى وقد روى أن الحسن البصرى لا يبالى أين قام من الرجل والمرأة والله أعلم.

[حكم نية الإمامة والجهر أو السر وحكم تطويل الإمام في الصلاة انتظارا لمن يريد الاقتداء به وحكم ما يفعله بعد الصلاة]

[مذهب الحنفية]

جاء في بدائع الصنائع (٢): لا يحتاج الإِمام إلى نية إمامة الرجال ويصح اقتداؤهم به بدون نية إمامتهم أما نية إمامة النساء فشرط الصحة اقتداؤهن به عند أبى حنيفة وصاحبيه وعند زفر ليس بشرط قياسا لإمامة النساء على إمامة الرجال وقال أبو حنيفة وصاحباه أنه لو صح اقتداء المرأة بالرجل فربما تحاذيه فتفسد صلاته فيلحقه الضرر من غير اختياره ولأنه مأمور بأداء الصلاة فلابد أن يكون متمكنا من صيانتها عن النواقض. ولو صح اقتداؤها به من غير نية لم يتمكن من الصيانة لأن المرأة تأتى فتقتدى به ثم تحاذيه فتفسد صلاته. وأما في الجمعة (٣) والعيدين فأكثر المشايخ قالوا إن نية إمامتهن شرط فيهما كغيرهما من الصلاة. ومنهم من قال ليست بشرط لأنها لو شرطت للحقها الضرر لأنها لا تقدر على أداء الجمعة والعيدين وحدها ولا تجد إماما آخر تقتدى به والظاهر أنها


(١) المرجع السابق جـ ١ ص ٧٥٥، ٧٥٦ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى جـ ١ ص ١٦٦ الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق جـ ١ ص ١٢٨ الطبعة السابقة.