للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحد المعنيين دون الآخر، بل فرض العمل بهما معا، وصحح هذا أيضا أمره صلّى الله عليه وسلم الجنب بالتيمم بالصعيد ثم أمره بالصلاة ثم أمره عند وجود الماء بالغسل فصح ما قلنا (١).

والمريض المباح له التيمم مع وجود الماء بخلاف ما ذكرنا فان صحته لا تنتقض طهارته، لأن الخبر الذى اتبعنا انما جاء فيمن لم يجد الماء فهو الذى تنتقض طهارته وأما من أمره الله تعالى بالتيمم والصلاة مع وجود الماء فان وجود الماء قد صح يقينا أنه لا ينقض طهارته بل هى صحيحة مع وجود الماء فاذ ذاك كذلك فان الصحة ليست حدثا أصلا اذ لم يأت بأنها حدث لا قرآن ولا بسنة (٢).

[مذهب الزيدية]

جاء فى شرح الأزهار ان التيمم للحدثين ينتقض بأحد ستة أمور:

الأول الفراغ مما فعل بالتيمم له من صلاة أو قراءة أو لبث فى المسجد أو وط‍ ء اذ شرعية التيمم لاستباحة الصلاة ولا يرفع الحدث اذ لو كان التيمم رافعا للحدث لم يجب عليه أن يغتسل بعد التيمم عند وجود الماء ولم يقل بذلك أحد فثبت أنه مبيح لا رافع.

الثانى: الاشتغال بغير ما تيمم له ذكره أبو مضر، وقال المنصور: الاشتغال بغيره لا ينقضه بحال.

قال مولانا عليه السّلام وقد استشكل المتأخرون قول أبو مضر، وربما قالوا انه غير صحيح لأنه لا وجه يقتضى كون ذلك ناقضا ولأنه قد ذكر أن من تيمم جاز له أن يقرأ قبل الصلاة وذلك اشتغال بغير الصلاة ولهذا حمل بعضهم كلامه على أن مراده الاشتغال بمباح غير ما تيمم له ينقض لا غير مباح لئلا يتدافع الكلام.

قال مولانا عليه السّلام: والأقرب عندى أن كلامه صحيح قيم لا عوج له فى هذه المسألة على أصل من أوجب التأخير على المتيمم، ومراده الاشتغال بغير ما تيمم له مما لا تعلق له به وهو مانع من فعله أو فعل ما يتعلق به ويستغرق وقتا ظاهرا يعتد به، أما اذا كان ما اشتغل به مما لا تعلق بما تيمم له لم ينقض لأنه لو تيمم ثم سار الى المسجد المعتاد لصلاته ولو بعد فقد انتقل بغير الصلاة وهذا ليس بناقض لتعلقه بالصلاة وكذلك مسئلة القراءة قبل الصلاة على ما تقدم. وان كان ما اشتغل به لا يمنع من فعل ما تيمم له أو فعل ما يتعلق به لم ينتقض التيمم وذلك نحو أن يتيمم لقراءة أو لبث فى المسجد فيقرأ أو بلبث وهو يخيط‍ ثوبا أو غير ذلك مما لا يمنع وجود القراءة فان ذلك لا ينقض ونحو أن يتيمم لصلاة ثم يسير الى المسجد وهو فى خلال المسير يحدث غيره أو يقود فرسه أو نحو ذلك مما لا يمنع من المسير المتعلق بالصلاة فان هذا الشغل لا ينقض.

وكذا لا ينتقض التيمم اذا اشتغل بغير ما تيمم لم ولم يستغرق وقتا ظاهرا يعتد به وذلك نحو أن يتيمم لقراءة فيأخذ فيها ثم يتكلم خلالها بكلمتين أو ثلاث أو أكثر مما لا يظهر له تأثير فى الوقت فان ذلك لا ينقض لأن وقته لا يعتد به، ونحو أن يتيمم لدخول المسجد فيزيل صخرة من على الطريق أو بهيمة من زرع بالقرب منه أو نحو ذلك مما لا يعتد بوقته.

قال مولانا عليه السّلام: والوجه فى اعتبار هذه القيود اجماع المسلمين على أن نحو هذه الأشياء التى استثنت غير ناقضة لأنه لم يسمع عن أحد من السلف والخلف أنه أعاد التيمم لكلمة تكلمها قبل فعل ما تيمم له ونحو ذلك.

قال عليه السّلام: وهذه المسألة مبنية على كلام من أوجب التأخير مع العذر المأيوس - وهو


(١) المرجع السابق ج ٢ ص ١٢٢ وما بعدها الى ص ١٣٨ مسئلة رقم ٢٣٤ نفس الطبعة.
(٢) المرجع السابق ج ٢ ص ١٢٨ مسئلة رقم ٢٣٥ نفس الطبعة.