للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عند المرتهن قائما مقام الدار لأن حق حبس العين كان ثابتا له ما دامت في يده وبدل العين قائم مقام العين فثبت له حق حبسه (١). ولو استأجر دابة ليركبها أو ليحمل عليها إلى مكان معلوم فذهب ولم يركبها ولم يحمل علمها شيئًا فعليه الأجر لأنَّهُ سلم المنافع إليه بتسليم محلها إلى المكان المعلوم فصار كما لو استأجر دارا ليسكنها فسلم المفتاح إليه فلم يسكن حتى مضت المدة أنه يجب الأجرة لما قلنا. كذا هذا، ولو أمسك الدابة في الموضع الذي استأجرها ولم يذهب بها إلى الموضع الذي استأجرها إليه فإن أمسكها على قدر ما يمسك الناس إلى أن يرتحل فهلك فلا ضمان عليه لأن حبس الدابة ذلك القدر مستثنى عادة فكان مأذونا فيه دلالة، وإن حبس مقدار ما لا يحبس الناس مثله يومين أو ثلاثة فعطب يضمن لأنَّهُ خالف في المكان بالإِمساك الخارج عن العادة فصار غاصبا فيضمن إذا هلك ولا أجرة عليه لما قلنا، وإن لم تهلك فأمسكها في بيته فلا أجر عليه لما مر من أن الأجر بمقابلة تسليم الدابة في جميع الطريق ولم يوجد، بخلاف ما إذا استأجرها عشرة أيام ليركبها فحبسها ولم يركبها حتَّى ردها يوم العاشر فإن عليه الأجرة، ويسع لصاحبها أن يأخذ الكراء وإن كان يعلم أنه لم يركبها لأن استحقاق الأجرة في الإِجارات على الوقت بالتسليم في الوقت وقد وجد فتجب الأجرة كما في إجارة الدار ونحوها، بخلاف الإجارة على المسافة فإن الاستحقاق هناك بالتسليم في جميع الطريق ولم يوجد فلا يجب (٢).

[مذهب المالكية]

جاء في مواهب الجليل أنه يقضى بتعجيل الأجرة إذا شرط التعجيل سواء كانت الأجرة شيئًا بعينه أو شيئًا مضمونا في الذمة، وكذلك يقضى بالتعجيل إذا كانت العادة التعجيل سواء كانت الأجرة شيئًا معينًا أو شيئًا مضمونا، وكذلك يقضى بالتعجيل إذا كانت المنفعة المستأجرة مضمونه في ذمة الأجير وتأخر شروعه في العمل يومين وأما لو أخره إلى يوم واحد فيجوز التقديم والتأخير. وقال ابن القاسم رحمه الله تعالى: ومن اكترى دابة لركوب أو حمل أو اكترى دارا أو استأجر أجيرا بشئ بعينه من عين أو عرض أو حيوان أو طعام فتشاحا في النقد ولم يشترطا شيئًا، فإن كانت سنة الكراء في البلد بالنقد جاز وقضى بقبضها، وإن لم تكن سنتهم بالنقد لم يجز الكراء وإن عجلت هذه الأشياء إلا أن يشترط النقد في العقد كما لا يجوز بيع ثوب أو حيوان بعينه على أن لا يقبض إلا إلى شهر ويفسخ. قال ابن القاسم: وإن اكترى ما ذكرناه بدنانير معينة ثم تشاحا في النقد فإن كان الكراء بالبلد بالنقد قضى به وإلا لم يجز الكراء إلا أن يعجلها. ثم قال في المدونة إثر الكلام السابق: كقول مالك فيمن ابتاع سلعة بدنانير له ببلد آخر عند قاض أو غيره: فإن شرط ضمانها إن تلفت جاز وإلا لم يجز البيع، فأرى أنه إن كان الكراء لا ينقد في مثله فلا يجوز إلا أن يشترط عليه أن تلفت فعليه مثلها، ولا يجوز اشتراط هذا في طعام ولا عرض في بيع ولا كراء لأنَّهُ مما يبتاع لعينه


(١) المرجع السابق جـ ٤ ص ٢٠٨ نفس الطبعة.
(٢) المرجع السابق جـ ٤ ص ٢١٥ ص ٢١٦ نفس الطبعة.