للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأصل فيه أنه اذا أضاف الكفالة الى جزء جامع كالرأس والوجه والرقبة ونحوها جازت، لأن هذه الأجزاء يعبر بها عن جملة البدن فكان ذكرها ذكرا للبدن كما فى باب الطلاق والعتاق، وكذا اذا أضاف الى جزء شائع كالنصف والثلث ونحوهما جازت لأن حكم الكفالة بالنفس وجوب تسليم النفس بثبوت ولاية المطالبة والنفس فى حق وجوب التسليم لا تتجزأ، وذكر بعض ما لا يتجزأ شرعا، ذكر لكله كما فى الطلاق والعتاق، واذا أضافها الى اليد أو الرجل أو نحوهما من الأجزاء المعينة لا تجوز، لأن هذه الأعضاء لا يعبر بها عن جميع البدن وهى فى حكم الكفالة متجزئة فلا يكون ذكرها ذكرا لجميع البدن كما فى الطلاق والعتاق.

ولو قال فى الكفالة بالنفس هو على جاز، لأن هذا صريح فى التزام تسليم النفس، وكذا اذا قال أنا ضامن لوجهه، لأن الوجه جزء جامع ولو قال أنا ضامن لمعرفته لا تصح لأن المعرفة لا تحتمل أن تكون مضمونة على الأصيل، ولو قال للمطالب أنا ضامن لك لم يصح لأن المضمون غير معلوم أصلا، هذا مذهب أصحابنا فى حكم الكفالة بالنفس والعين والفعل وذلك لقول الله عز وجل: «وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ» (١) حيث أخبر جل شأنه عن الكفالة بالعين عن الأمم السالفة ولم يغير ولأن هذا حكم لم يعرف له مخالف من عصر الصحابة والتابعين الى زمن الشافعى رحمه الله تعالى فكان الانكار خروجا عن الاجماع، فكان باطلا، ولأن هذه الكفالة - كما ذكرنا - أضيفت الى مضمون على الأصيل مقدور الاستيفاء من الكفيل فتصح (٢).

[مذهب المالكية]

جاء فى التاج والاكليل أن ابن يونس رحمه الله تعالى قال: القضاء أن كل ما يلزم الذمة فالكفالة به جائزة، وأما الحدود والأدب والتعازير فلا تجوز الكفالة فيه وقاله مالك رحمه الله تعالى، قال بكير ولا تجوز فى دم أو زنا أو سرقة أو شرب خمر ولا فى شئ من الحدود قال ابن يونس لأن فائدة الحمالة أن يحل الضامن محل المضمون فى تعذر أخذ الحق منه وهذا المعنى يتعذر فى الحدود ولأن استيفاءها من الضامن لا يجوز.

وانظر قد وقع لأصبغ فى الفاسق المتعسف على الناسى يؤخذ فيتحمل رجل عنه بكل ما يجترم أن ذلك لازم الا فى القتل خاصة.

قال ابن شاس رحمه الله تعالى من شروط‍ المضمون أن يكون حقا ثابتا مستقرا أو مآله الى ذلك فلا تصح الحمالة بالكتابة اذ ليست بدين ثابت مستقر ولا تؤول الى ذلك لأن العبد ان عجز رق وانفسخت الكتابة.


(١) الآية رقم ٧٢ من سورة يوسف.
(٢) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لأبى بكر الكاسانى ج ٦ ص ٧، ص ٨ الطبعة السابقة.