للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنه تصرف في المال فكان في القراض وإن قارضه رجلان على مالين فاشترى لكل واحد منهما جارية ثم أشكلتا عليه ففيه قولان أحدهما تباعان فإن لم يكن فيهما ربح قسم بين ربى المال وإن كان فيهما ربح شاركهما العامل في الربح وإن كان فيهما خسران ضمن العامل ذلك لأنه حصل بتفريطه والقول الثاني أن الجاريتين للعامل ويلزمه قيمتهما لأنه تعذر ردهما بتفريطه فلزمه ضمانهما كما لو أتلفهما.

[مذهب الحنابلة]

جاء في (١) الكشاف: إن العامل أمين في مال المضاربة لأنه يتصرف فيه بإذن مالكه على وجه لا يختص بنفعه فكان أمينًا كالوكيل وفارق المستعير لأنه يختص بنفع العارية. لا ضمان عليه فيما تلف من مال المضاربة بكير تعد ولا تفريط. كالوديع والمرتهن والقول قول العامل في قد رأس، المال لأن رب المال يدعى عليه قبض شئ وهو ينكر والقول قول المنكر فلو جاء بألفين وقال رأس المال ألف والربح ألف فقال رب المال بل الألفان رأس المال فالقول قول العامل في قدر الريح لأنه أمين وفى أنه ربح أو لم يربح وفيما يدعيه من الهلاك والخسران لأن تأمينه يقتضى ذلك ومحل ذلك إن لم تكن لرب المال بينة تشهد بخلاف ذلك وإن ادعى الهلاك بأمر ظاهر كلف بينة تشهد به ثم حلف أنه تلف به، والقول قوله فيما اشتراء لنفسه أو للقراض لأن الاختلاف هنا في نية المشترى وهو أعلم بما نراه لا يطلع عليه أحد سواه ومثله وكيل وشريك عنان ووجوه ويقبل أيضًا قول العامل في نفى ما يدعى عليه من خناية أو جناية أو مخالفته شيئًا مما شرطه رب المال عليه لأن الأصل عدم ذلك.

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم الظاهرى فى المحلى (٢): لا ضمان على العامل فبما تلف من المال ولو تلف كله ولا فيما خسر فيه ولا شئ له على رب المال إلا أن يتعدى أو يضيع فيضمن لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام، وإن تعدى (٣) العامل فريح فإن كان اشترى في ذمته ووزن من مال القراض فحكمه حكم الغاصب وقد صار ضامنًا للمال إن تلف أو لما تلف منه بالتعدى ويكون الريح له لأن الشراء له؛ وإن كان اشترى مال القراض نفسه فالشراء فاسد مفسوخ فإن لم يوجد صاحبه البائع منه فالريح للمساكين لأنه مال لا يعرف له صاحب وهذا قول النخعى والشعبى وحماد بن أبى سليمان وابن شبرمة وأبى سليمان. وأيهما مات (٤) بطل القراض وعقد الذي له المال إنما كان مع الميت لا مع وارثه إلا أن عمل العامل بعد موت صاحب المال ليس تعديًا وعمل الوارث بعد موت العامل إصلاح للمال وقد قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ


(١) كشاف القناع على متن الإقناع للعلامة الشيخ منصور بن إدريس الحنبلى وبهامشه شرح المنتهى للشيخ منصور بن يونس البهوتى الحنبلى جـ ٢ ص ٢٦٩ ص ٢٧٠ طبع المطبعة العامرة الشرفية سنة ١٣١٩ الطبعة الأولى.
(٢) المحلى لأبن حزم الظاهرى ج ٨ ص ٢٤٨ مسألة رقم ١٣٧٢ طبع إدارة الطباعة المنبرية طبعة أولى سنة ١٣٥٠ هـ.
(٣) المرجع السابق جـ ٨ ص ٢٤٩ مسألة رقم ١٣٧٥ الطبعة السابقة.
(٤) المرجع السابق جـ ٨ ص ٢٤٩ مسألة رقم ١٣٧٦ الطبعة السابقة.