أدلة القائلين بأنه صلى الله عليه وسلم متعبد بالقياس:
من الكتاب قوله تعالى: «فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ»، والنبى منهم.
وقوله تعالى: «فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ» وقد سبق بيان وجه الدلالة فيها.
وأبو يوسف احتج بعموم قوله تعالى:
«إِنّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِما أَراكَ اللهُ» أى بما جعله الله لك رأيا.
ومن السنة حديث الخثعمية، قالت:
يا رسول الله، إن أبى مات وعليه حجة أفأحج عنه؟
قال عليه الصلاة والسلام: «أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكان يجزيه».
قالت: نعم.
قال «فدين الله أحق بالقضاء» ..
قاس رسول الله صلى الله عليه وسلم دين الله على دين العباد.
وبحديث القبلة للصائم لما سأل عمر رضى الله عنه عنها أهى تفطر الصائم؟
قال عليه الصلاة والسلام: «أرأيت لو تضمضت بماء ثم مججته .. » إلى أخر الرواية، اعتبر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمة الجماع وهى القبلة بمقدمة الشرب وهى المضمضمة فى عدم فساد الصوم.
أما المعقول فهو أن الاجتهاد مبنى على العلم بمعانى النصوص، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أسبق الناس فى العلم حتى كان يعلم المتشابه الذى لا يعلمه أحد من الأمة بعده (١).
[الاجتهاد فى زمن الرسول]
[جواز الاجتهاد]
اختلفوا فى جواز الاجتهاد لأمة محمد صلى الله عليه وسلم فى زمنه على مذاهب:
الأول يجوز الاجتهاد مطلقا بحضوره وغيبته ونقل عن محمد بن الحسن واختاره الغزالى والآمدى ودليله أن الأمر بالاجتهاد غير ممتنع عقلا، فيجوز للرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول قد أوحى إلى أنكم مأمورون بالاجتهاد والعمل، فإن ذلك لا يلزم منه محال لا لذاته ولا لغيره.
الثانى: يمتنع مطلقا فى زمنه صلى الله عليه وسلم، دليله أن أهل عصره عليه الصلاة والسلام قادرون على الرجوع إليه فامتنع ارتكاب طريق الظن وهو الاجتهاد مع القدرة على النص من الرسول صلى الله عليه وسلم، وقبيح أن يترك القادرون على العمل باليقين فيعمدون إلى العمل بالظن.
الثالث: يجوز للغائبين من القضاة والولاة دون الحاضرين ودليل الامتناع للحاضرين هو الدليل الذى سبق فى الرأى الثانى، ودليل الجواز للقضاة والولاة هو
(١) انظر حاشية الكشف لعبد العزيز البخارى على البزدوى ج ٢ ومختصر المنتهى لابن الحاجب ج ٢ والتقرير وا. تحبير ج ٣.