للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصحيح فى المذهب أن الأب يلحق بالميت فى استحقاق النفقة لأولاده المذكورين على غيره من الأقارب ولا يرجع عليه المنفق فى هذه الحالة حتى ولو أيسر الأب بعد ذلك فيما عدا الأم الموسرة فانها اذا أنفقت على الأولاد فى هذه الحالة ترجع على الأب بعد ذلك ان أيسر وهى أولى بتحمل نفقتهم عند اعسار الأب وعجزه عن الكسب. من سائر الأقارب (١).

وان كان المنفق هو الابن وهو معسر مكتسب نظر فى كسبه فان كان فيه زيادة عن قوته يجبر على الانفاق على أبيه المعسر من الزيادة، سواء كان الأب عاجزا عن الكسب أم لا، لأنه قادر على احيائه من غير خلل يرجع عليه.

وان كان لا يبقى من كسبه شئ فانه - على المعتمد فى المذهب - لا يجبر على أن ينفق عليه ولا على أن يدخل عليه فى النفقة، لأن الجبر على الانفاق والاشراك فى نفقة الولد المعسر يؤدى الى اعجازه عن الكسب، لأن الكسب لا يقوم الا بكمال القوة وكمال القوة بكمال الغذاء فلو جعلناه نصفين لم يقدر على الكسب وفيه خوف هلاكهما جميعا لكنه يؤمر ديانة فيما بينه وبين الله عز وجل أن يواسى أباه، اذ لا يحسن أن يترك أباه المعسر ضائعا جائعا يتكفف الناس وله كسب.

وقال بعض المشايخ: يجبر الابن على ذلك قضاء واستدلوا على ذلك بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «طعام الواحد يكفى الاثنين» هذا اذا كان الولد يعيش وحده فان كان له أولاد صغار وزوجة ولا يفضل من كسبه شئ ينفقه على أبيه فطلب الأب من القاضى أن يدخله فى النفقة على عياله يدخله القاضى ههنا. لأن ادخال الواحد على الجماعة لا يخل بطعامهم خللا بينا بخلاف ادخال الواحد على طعام الواحد. وهذا كله اذا لم يكن الأب المعسر عاجزا عن الكسب.

فاما اذا كان عاجزا عنه فانه يشارك ابنه المعسر فى قوته ويدخل عليه فيأكل معه مطلقا لأنه ليس فى المشاركة خوف الهلاك وفى ترك المشاركة خوف هلاك الأب فتجب المشاركة قولا واحدا.

وكذلك الأم المعسرة وان كانت صحيحة غير عاجزة مثل الأب المعسر العاجز عن الكسب فى كل ما ذكر، لأن الأنوثة فى حد ذاتها عجز، فتدخل على ابنها المعسر الذى لا يبقى له من كسبه شئ بعد قوته فتأكل معه كالأب.

ولا يجبر الابن فى هذه الحالة على أن يعطى كل منهما شيئا على حدة (٢).

[مذهب المالكية]

تجب نفقة الوالدين المعسرين بنفقتهما كلا أو بعضا - وان كان لهما خادم ودار لا فضل فيها على ولدهما الموسر مما فضل عن نفقته


(١) البدائع ج ٤ ص ٣٥ - ٣٦، حاشية ابن عابدين ج ٣ ص ٦١٢ - ٦١٥، فتح القدير ج ٣ ص ٣٤٤
(٢) البدائع ج ٤ ص ٣٥، ٣٦، حاشية ابن عابدين ج ٣ ص ٦٢١، ٦٢٢