للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن عرفة وابن عبد السلام والمصنف في كتاب التوضيح ونص كلام ابن رشد اختلف في الوكيل يدعى أنه دفع إلى موكله ما قبض له من الغرماء أو ما باع به متاعه على أربعة أقوال أحدها أن القول قوله مع يمينه جملة من غير تفصيل وهو قوله في هذه الرواية. والثانى أنه إن كان بقرب ذلك بالأيام اليسيرة فالقول قول الموكل أنه ما قبض شيئا وعلى الوكيل البينة وإن تباعد الأمر كالشهر ونحوه فالقول قول الوكيل مع يمينه وإن طال الأمر جدا لم يكن على الوكيل بينة وهو قول مطرف. والثالث إن كان بحضرة ذلك في الأيام اليسيرة صدق الوكيل مع يمينه وإن طال الأمر جدا صدق دون يمين وهو قول ابن الماجشون وابن عبد الحكم. والرابع تفرقة أصبغ بين الوكيل عل شئ بعينه غارم حتى يقيم البينة طال الأمر والوكيل المفوض يصدق في القرب مع يمينه وفي البعد دون يمين وقال القاضي عبد الوهاب في شرح قول الرسالة ومن قال رددت إليك ما وكلتنى عليه هذا لأن الوكيل والمودع والرسول مؤتمنون فيما بينهم وبين الموكل والمودع والمرسل فإذا ذكروا أنهم ردوا ما دفع إليهم إلى أربابه قبل ذلك منهم لأن أرباب الأموال قد ائتمنوهم على ذلك فكان قولهم مقبولا فيما بينهم وبينهم وكذلك العامل في القراض مؤتمن في رد القراض ما بينه وبين المالك إلا أن يكون واحدا منهم أخذ المال ببينة فلا تبرئه دعوى رده إلا أن يكون له بينة لأن رب المال حينئذ لم يأتمنه لما استوثق منه بالبينة ونقله عنه الزناتى وهو نص كتاب الوديعة من المدونة إلا الوكيل ونص عليه أيضا الفاكهانى والمشذالى وأما العارية فقال ابن رشد في المقدمات إن له أن يشهد على المعير في رد العارية عليه وإن كان دفعها إليه بلا إشهاد لأن العارية تضمن والوديعة لا تضمن وفى الخرشى (١) قال إن الوكيل غير المفوض إذا وكل على قبض حق فقال قبضته وتلف منى فإنه يبرأ لموكله من ذلك لأنه أمين وأما الغريم الذي عليه الدين فإنه لا يبرأ من الدين إلا إذا أقام بينة تشهد له أنه دفع الدين إلى الوكيل المذكور ولا تنفعه شهادة الوكيل لأنها شهادة على فعل نفسه وإذا غرم الغريم فإنه يرجع بذلك على الوكيل إلا أن يتحقق تلفه من غير تفريط منه وأما الوكيل المفوض إليه ومثله الوصى إذا أقر كل منهما بأنه قبض الحق لموكله أو ليتيمه ثم قال بعد ذلك تلف منى فإنه يبرأ من ذلك وكذلك الغريم يبرأ من الدين ولا يحتاج إلى إقامة بينة لأن المفوض جعل له الإقرار والوصى مثله وللغريم تحليف الموكل على عدم العلم بدفعه إلى الوكيل وعدم وصول المال إليه.

[مذهب الشافعية]

جاء في المهذب: (٢) أن الوكيل أمين فيما في يده من مال الموكل فإن تلف في يده من غير تفريط لم يضمن لأنه نائب عن الموكل في اليد والتصرف فكان الهلاك في يده كالهلاك في يد الموكل فلم يضمن وإن وكله في بيع سلمة وقبض ثمنها فباعها وقبض ثمنها وتلف الثمن واستحق


(١) من كتاب الخرشى لأبى عبد الله محمد الخرشى على مختصر خليل وبهامشه حاشية الشيخ العدوى جـ ٦ صـ ٨١، صـ ٨٢ طبع الطبعة الكبرى الأميرية ببولاق سنة ١٢١٧ هـ الطبعة الثانية.
(٢) المهذب للإمام الزاهد الموفق أبي إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروز ابادى الشيرازى جـ ١ ص ٣٥٧ في كتاب وضع بأسفله النظم المستعذب في شرح غريب المهذب للعلامة محمد بن أحمد بن بطال الركبى طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر سنة ١٢٩٥ هـ