للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الذى يلى الدار دون الباقى ليس له ذلك بلا خلاف بين أصحابنا، ولكن يأخذ الكل أو يدع، لأنه لو أخذ البعض دون البعض تفرقت الصفقة على المشترى، سواء اشترى واحد من واحد أو واحد من اثنين أو أكثر حتى لو أراد الشفيع أن يأخذ نصيب أحد البائعين ليس له ذلك سواء كان المشترى قبض أو لم يقبض فى ظاهر الرواية عن أصحابنا وهو الصحيح.

ولو اشترى رجلان من رجل دارا فللشفيع أن يأخذ نصيب أحد المشتريين فى قولهم جميعا سواء كان قبل القبض أو بعده فى ظاهر الرواية لأن الصفقة حصلت متفرقة من الابتداء فلا يكون أخذ البعض تفريقا وسواء سمى لكل واحد نصف ثمن على حدة أو سمى الجملة ثمنا واحدا وسواء كان المشترى عاقدا لنفسه أو لغيره فى الفصلين.

وان كان المشترى بعضه ممتازا عن البعض بأن اشترى دارين صفقة واحدة فأراد الشفيع أن يأخذ احداهما دون الأخرى فان كان شفيعا لهما جميعا فليس له ذلك ولكن يأخذهما جميعا أو يدعهما وهذا قول أصحابنا الثلاثة سواء كانت الداران متلاصقتين أو متفرقتين فى مصر واحد أو فى مصرين.

وان كان الشفيع شفيعا لاحداهما دون الأخرى ووقع البيع صفقة واحدة فهل له أن يأخذ الكل بالشفعة.

روى عن أبى حنيفة رحمه الله تعالى أنه ليس له أن يأخذ الا الشئ الذى يجاوره بالحصة.

وكذا روى عن محمد رحمه الله تعالى فى الدارين المتلاصقتين اذا كان الشفيع جارا لاحداهما أنه ليس له الشفعة الا فيما يليه.

وروى الحسن عن أبى حنيفة أن للشفيع أن يأخذ الكل بالشفعة.

قال الكرخى رواية الحسن تدل على أن قول أبى حنيفة كان مثل قول محمد ثم رجع عن ذلك فجعل كالدار الواحدة.

ثم قال فى البحر (١) الرائق: تبطل الشفعة اذا صالح المشترى الشفيع على عوض وعلى الشفيع رد العوض، لأن حق الشفيع ليس بمقرر فى المحل وانما هو مجرد حق التملك فلا يجوز أخذ العوض عنه ولا يتعلق اسقاطه بالجائز من الشرط‍ فيما اذا قال الشفيع: أسقطت شفعتى فيما اشتريت على أن تسقط‍ حصتك فيما اشتريت أو على ألا تطلب الثمن منى لكونه ملائما حتى لو تراضيا سقط‍ حق كل واحد منهما ومع هذا لا يتعلق اسقاط‍ الشفعة بهذا الشرط‍ بل يسقط‍ بمجرد قوله أسقطت تحقق الشرط‍ أو لم يتحقق فأولى ألا يتعلق بالشرط‍ الفاسد وهو شرط‍ الاعتياض عن حق ليس بمال بل هو رشوة محضة فيصح الاسقاط‍ ويبطل الشرط‍.

[مذهب المالكية]

جاء فى الشرح الكبير (٢): الشفعة لم


(١) البحر الرائق ج ٨ ص ١٦٠ الطبعة السابقة.
(٢) حاشية الدسوقى ج ٣ ص ٤٨٩، ٤٩٠ الطبعة السابقة.