للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مختارين ومعنى ذلك أنه لا يصح الرهن مع الاكراه عليه (١).

[مذهب الإباضية]

من عقد بقهر رهنا فليس ذلك بمنعقد لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم (ليس على مقهور عقد ولا عهد أى فمن عاهد فى شئ على قهر لم يلزمه الوفاء به) (٢).

[الاكراه فى الهبة]

[مذهب الحنفية]

اذا أكره الشخص على الهبة ولم يذكر الدفع فوهب ودفع كان ذلك التصرف فاسدا لأن مقصود المكره بالكسر الاستحقاق لا مجرد اللفظ‍ وذلك فى الهبة بالدفع وفى البيع بالعقد فدخل الدفع فى الاكراه على الهبة دون البيع.

وقيد البعض ذلك بحضور المكره بالكسر فقال:

الاكراه على الهبة اكراه على التسليم اذا كان المكره بالكسر وقت التسليم حاضرا والا لا قياسا واستحسانا (٣). ولو أكرهوه على هبة جاريته لعبد الله فوهبها لعبد الله وزيد وقبضاها بأمره جازت فى حصة زيد لأنه ملكه نصف الجارية طائعا. والشيوع فيما لا يحتمل القسمة لا يمنع صحة الهبة وبطلت فى حصة عبد الله بالاكراه. وأيضا الهبة انشاء للتصرف فبطلانه فى نصيب من أكره عليه لا يمنع من صحته فى نصيب الآخر كالوصية فان من أوصى لوارثه ولأجنبى جازت الوصية فى نصيب الأجنبى. ولو كان الاكراه على هبة ألف درهم لعبد الله فوهبها لعبد الله وزيد بطلت الهبة كلها ولو أكرهوه على هبة جاريته لرجل فوهب ودفع فأعتقها الموهوب له جاز عتقه لأن الهبة الفاسدة توجب الملك بعد القبض كالهبة الصحيحة بناء على أصل الحنفية القائل ان فساد السبب لا يمنع وقوع الملك بالقبض فالعتق من الموهوب له قد صادف ملك نفسه فكان نافذا. وغرم المعتق قيمتها لأن رد العين كان مستحقا عليه وقد تعذر بنفوذ تصرفه فيه فعليه قيمتها كالمشتراه شراء فاسدا. واذا شاء المكره بالفتح رجع على الذين أكرهوه بقيمتها لأنهم أتلفوا عليه ملكه، اذ الاكراه بوعيد تلف يجعل المكره ملجأ. ويترتب على ذلك كون المكره آلة للمكره ونسبة الفعل الى المكره بالكسر فان ضمنهم القيمة رجعوا بها الموهوب له (٤) ولو خوف الزوج زوجته بالضرب ونحوه من كل متلف حتى وهبته مهرها لم تصح الهبة ان قدر الزوج على الضرب وان هددها بطلاق أو بتزوج عليها أو تسر فليس باكراه لأن كل فعل من هذه الأفعال جائز شرعا والأفعال الشرعية لا توصف بالاكراه. ولو منع امرأته المريضة عن المسير الى أبويها الا أن تهبه مهرها فوهبته بعض المهر فالهبة باطلة لأنها كالمكره (٥). ولو أن لصا أكره صاحب مال على أن يهب مال الآخر وأكره الآخر على أن يقبل الهبة منه ويقبضها بوعيد تلف فقبضها فضاعت عنده فان قال القابض أخذتها على أن


(١) شرح الأزهار ج‍ ٣ ص ٣٩٥.
(٢) شرح النيل ج‍ ٣ ص ٤٧٥.
(٣) حاشية ابن عابدين ج‍ ٥ ص ١١١.
(٤) المبسوط‍ ج‍ ٢٤ ص ٥٣، ٥٤.
(٥) رد المحتار على الدر المختار ج‍ ٥ ص ١٢٠.