للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تجارته وذكر صاحب مغنى المحتاج أنه لا يصح ضمان ما سيقرضه لفلان لان الضمان وثيقة بالحق. فلا يصح ان يسبق وجوب الحق وصحح فى القديم ضمان ما سيجب كضمان ما يستقرضه لان الحاجة قد تدعو اليه (١).

والاصح انه يصح ضمان الحال مؤجلا أجلا معلوما لان الضمان تبرع والحاجة تدعو اليه فصحح على حسب ما التزمه، ويثبت الأجل فى حق الضامن على الاصح، فلا يطالب الضامن الا كما التزم، ولا نقول التحق الأجل بالدين الحال وانما يثبت عليه مؤجلا ابتداء لأن الحال لا يؤجل الا فى صورتين الأولى اذا أوصى ان لا يطالب الا بعد شهر مثلا فان الوصية صحيحة ويعمل بها والصورة الثانية اذا نذر ان لا يطالبه الا بعد سنة مثلا قاله المتولى رحمه الله تعالى والثانى لا يصح الضمان للمخالفة.

ووقع فى بعض نسخ المحرر تصحيحه قال فى الدقائق والاصح ما فى بقية النسخ والمنهاج ولو ضمن المؤجل مؤجلا بأجل أطول من الأول فكضمان الحال مؤجلا. والاصح انه يصح ضمان المؤجل حالا لانه تبرع بالتزام التعجيل فصح كأصل الضمان. والقول الثانى: لا يصح لما مر أن فيه مخالفة والاصح على القول الاول أنه لا يلزمه التعجيل كما لو التزمه الاصيل.

وفى قول آخر يلزمه التعجيل لان الضمان تبرع لزم فلزمته الصفة ولا لمستحق أو وارثه أن يطالب الضامن والاصيل بالدين اجتماعا وانفرادا أو يطالب أحدهما ببعضه والآخر بباقيه اما الضامن فلحديث الزعيم غارم:

وأما الاصيل فلان الدين باق عليه (٢).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى كشاف القناع أن من شأن القرض أن يصادف ذمة قال ابن عقيل رحمه الله تعالى:

الدين لا يثبت الا فى الذمم ومتى أطلقت الاعواض تعلقت بها، ولو عينت الديون من أعيان الاموال لم يصح فلا يصح قرض جهة كمسجد ونحوه من مدرسة ورباط‍ وقال فى الفروع فى باب الوقف: يجوز للناظر أن يستدين عليه بلا اذن حاكم لمصلحة كما لو اشترى للوقف نسيئة او بنقد لم يعينه وفى باب اللقيط‍ يجوز الاقتراض على بيت المال لنفقة اللقيط‍ وكذا قال فى الموجز يصح قرض حيوان وثوب لبيت المال ولأحاد المسلمين نقله فى الفروع قلت: والظاهر ان فى الدين هذه المسائل يتعلق بذمة المقترض وبهذه الجهات كتعلق أرش الجناية برقبة العبد الجانى فلا يلزم المقترض أن يفى به من ماله بل من ريع الوقف وما يحدث لبيت المال أو يقال: لا يتعلق بذمته رأسا وما هنا بمعنى الغائب فلا ترد المسائل المذكورة لندرتها (٣). ولو قال شخص لآخر أعط‍ فلانا ألفا ففعل لم يرجع على الآمر ولم يكن ذلك كفالة، ولا ضمانا الا ان يقول:

أعط‍ فلانا عنى خليطا كان أو غيره (٤). ويجوز فى القرض ان يشترط‍ المقرض ضمينا لأن النبى صلّى الله عليه وسلّم استقرض من يهودى شعير ورهنه درعه. متفق عليه. وما جاز فعله جاز شرطه ولأنه يراد للتوثيق بالحق والضمان كالرهن فلو عين الضمين وجاء


(١) المرجع السابق ج ٢ ص ١٨٧ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج ٢ ص ١٩٣، ص ١٩٤ الطبعة السابقة.
(٣) كشاف القناع عن متن الاقناع للشيخ منصور ابن ادريس الحنبلى ج ٢ ص ١٣٦، ص ١٣٧ الطبعة الأولى طبع المطبعة العامرة الشرقية سنه ١٣٧٩ هـ‍.
(٤) المرجع السابق ج ٢ ص ١٨٤ الطبعة السابقة.