للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما اذا قال له (١): لى عليك مائة فسكت.

فقد ذكروا الخلاف فى كون السكوت اقرارا أو ليس باقرار والأظهر أنه ليس باقرار.

اختلف فى السكوت (٢) هل هو كالاقرار أم لا .. قال فى العتبية فى رسم العرية من سماع عيسى من كتاب التفليس:

مسألة وسئل عن رجل جاء قوما فى مجلس فقال: أنا اشهدكم أن لى على فلان كذا وكذا دينارا. وفلان هنا مع القوم فى المجلس فسكت ولم يقل. نعم ولا لا. ولم يسأله الشهود عن شئ. ثم جاء المشهد يطلب ذلك المبلغ قبل المشهد عليه الساكت فأنكر أن يكون عليه شئ .. قال: نعم ذلك لازم اذا سكت ولم يقل شيئا .. قال محمد بن رشد:

اختلف فى السكوت هل هو يعد اذنا فى الشئ واقرارا به على قولين مشهورين فى المذهب منصوص عليهما لابن القاسم فى غير ما وضع من كتابه. أحدهما أنه أذن والثانى أنه ليس باذن وهو قول ابى القاسم أيضا فى سماع عيسى من كتاب الدعوى والصلح. وفى سماع أصبغ من كتاب المدبر. واظهر القولين بأنه ليس باذن لأن فى قول النبى صلّى الله عليه وسلم - والبكر تستأذن وأذنها صماتها - دليلا على أن غير البكر بخلاف البكر فى الصمت. وقد أجمعوا على ذلك فى النكاح فوجب أن يقاس ما عداه عليه الا ما يعلم بمستقر العادة أن أحدا لا يسكت عليه الا برضا منه فلا يختلف فى أن السكوت عليه اقرار كالذى يرى حمل امرأته فيسكت ولا ينكره ثم ينكره بعد ذلك .. ولا شك أن هذا يجمع بين القولين فى اعتبار السكوت اقرارا وعدم اعتباره. ويتمشى مع القاعدة الفقهية التى تقول: أنه لا ينسب لساكت قوله .. وأن كانت لهذه القاعدة مستثنيات كثيرة اعتبر فيها السكوت بمثابة القول.

واولها ما قرره الحديث الشريف: البكر تستأذن واذنها صماتها.

[شروط‍ الاقرار]

شروط‍ صحة الاقرار كثيرة بعضها يرجع الى المقر وبعضها يرجع الى المقر له. وبعضها يرجع الى المقر به. وبعضها يرجع الى صيغة الاقرار.

[الشروط‍ التى يجب تحققها فى المقر]

الشروط‍ التى يجب تحققها فى المقر لكى يصح اقراره هى:

(١) العقل. فلا يصح اقرار المجنون والصبى الذى لا يعقل لانعدام العقل الذى ينبنى على وجوده صحة التصرفات شرعا ومنها الاقرار.

(٢) البلوغ. فلا يصح اقرار الصبى المميز لانعدام أهلية الالتزام فيه. والاقرار التزام فحيث انعدمت الأهلية لا يصح منه. وأطلقوا القول بعدم صحة اقرار الصبى غير المكلف ولم يفرقوا بين ما اذا كان مأذونا له فى التجارة او غير مأذون له فلا يصح منه الاقرار مطلقا.

(٣) الحرية. فلو كان عبدا ينظر: ان كان مأذونا له فى التجارة ولو حكما كالمكاتب يصح اقراره بالمال ويؤخذ به فيما بيده من مال التجارة لا فى غلته ولا فى رقبته لكونهما لسيده. وما زاد من المال المقر به عن مال


(١) جاء فى حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج‍ ٣ ص ٤٠٣.
(٢) جاء فى مواهب الجليل للحطاب ج‍ ٥ ص ٢٢٥.