للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم نسخ ذلك كما يقول جمهور الفقهاء.

يقول الألوسى (١) ان الحكم بوجوب الوصية للوالدين والأقربين كان فى بدء الاسلام ثم نسخ بآية المواريث كما قاله ابن عباس وابن عمر وقتادة وشريح ومجاهد وغيرهم، وقد أخرج أحمد والترمذى والنسائى وابن ماجه بأسانيدهم أن النبى صلى الله عليه وسلم خطب على راحلته فقال: ان الله قد قسم لكل انسان نصيبه من الميراث فلا تجوز لوارث وصية. ونقل الألوسى من طرق أخرى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى حجة الوداع مثل ذلك ثم قال ان هذه الأحاديث تنظم فى مسلك المتواتر وان بعض الفقهاء جعلها من المتواتر بالفعل. ثم قال الألوسى (٢) فى قول الله سبحانه (بالمعروف) لما كان الموصى قد لا يحسن التدبير فى مقدار الوصية لكل منهم وربما كان يقصد المضارة تولى الله بنفسه بيان ذلك الحق على وجه يتيقن به أنه الصواب وان فيه الحكمة وقصره على الحدود المبينة فى آيات الميراث {(يُوصِيكُمُ اللهُ .. )} الآيات السابقة.

وقال الألوسى (٣) عند تفسير قول الله تعالى ({لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً}) (٤) ان الآية تشير الى المبالغة فى ابطال حكم الجاهلية فانهم ما كانوا يورثون النساء والأطفال، ويقولون انما يرث من يحارب ويذب عن الحوذة فللرد عليهم نزلت هذه الآية كما قال ابن جبير وغيره. ثم نزل بعد ذلك قوله تعالى ({وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللاّتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ‍ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً}) (٥). ثم نزل قول الله تعالى {(يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ‍ الْأُنْثَيَيْنِ)}.

الآية السابقة.

وقد أشار صاحب البحر الزخار الى بعض صور التدرج فى تشريع الميراث فذكر (٦) أنهم كانوا فى الجاهلية لا يورثون النساء والأطفال فنزل قول الله تعالى {(لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً)} الآية السابقة.

[أسباب الارث]

[أسباب الارث عند الحنفية]

كما يقول صاحب التنوير وشارحه (٧):

ان الارث يستحق بأحد أسباب ثلاثة: برحم ونكاح صحيح وولاء فلا توارث بنكاح فاسد ولا باطل اجماعا، وولاء: وقد علق ابن عابدين على ذلك فقال ان النكاح الصحيح يقتضى الارث ولو بلا دخول ولا خلوة اجماعا وقال ان الولاء ينقسم الى ولاء عتاقه وولاء موالاه.


(١) روح المعانى ح‍ ٢ ص ٥٣ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ح‍ ٢ ص ٥٤ الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق ح‍ ٤ ص ٢١٠ الطبعة السابقة.
(٤) الآية رقم ٧ من سورة النساء.
(٥) الآية رقم ١٢٧ من سورة النساء.
(٦) البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار لأحمد بن يحيى المرتضى ح‍ ٥ ص ٢٣٧ الطبعة الاولى سنة ١٣٦٦ هـ‍ طبع مطبعة السعادة بمصر.
(٧) التنوير والدر وحاشية ابن عابدين ح‍ ٥ ص ٥٢٩ المطبعة اليمنية سنة ١٣٠٧ هـ‍.