للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما ما لا يقبل القسمة كالبئر والحمام والرحى فيجوز وقفه اتفاقا إلا فى المسجد والمقبرة (١).

إذ الإفراز شرط‍ جوهرى بالنسبة لوقف المسجد والمقبرة، لأنه لا بد أن يكون خالصا لله تعالى، لقوله سبحانه وتعالى: «وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ» أى مختصة به تعالى فلا يخلص له إلا بالإفراز (٢).

[مذهب المالكية]

نص المالكية على صحة وقف المشاع إذا كان يقبل القسمة.

ويبدو من هذا أن سبب ذلك يرجع إلى إمكان إفراز العين الموقوفة فى هذه الحالة.

وذكر العلامة الدردير أن لفقهاء المالكية قولين مرجحين فى وقف الحصة الشائعة إذا كان المال الشائع لا يقبل القسمة (٣).

[مذهب الشافعية]

جاء فى نهاية المحتاج: ويصح وقف عقار بالإجماع ومنقول ومشاع وإن جهل قدر حصته أو صفتها وهذا يشمل ما لو كان المشاع قد وقف جزء منه ليكون مسجدا وقد صرح به ابن الصلاح وغيره إلا أنه يجب فى هذه الحالة إفراز الجزء الذى وقف ليكون مسجدا وهذا ظاهر إن كانت القسمة ممكنة فإن كانت غير ممكنة فى الحال، كأن جهل مقدار الموقوف بقى على شيوعه ولا يبطل الوقف (٤).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى كشاف القناع ويصح وقف المشاع. فلو وقفه مسجدا ثبت فيه حكم المسجد فى الحال عند التلفظ‍ بالوقف، أى دون توقف على الإفراز، فيمنع منه الجنب والسكران ومن عليه نجاسة تتعدى ثم إن القسمة متعينة هنا، أى أنه إذا وقف المشاع مسجدا وجب إفرازه لتعين ذلك طريقا للانتفاع بالموقوف (٥).

[مذهب الزيدية]

نص الزيدية على إفراز العين الموقوفة بصفة عامة حيث جاء فى شرح الأزهار أنه إذا ثبتت صحة الوقف مع الشيوع فقد حكى عن بعضهم أن للورثة أن يميزوا الوقف كما يميزون الزكاة لأن الجميع حق الله تعالى (٦).


(١) ابن عابدين ج ٣ ص ٣٩٩.
(٢) درر الحكام شرح غرر الأحكام ج ٢ ص ١٢٣ طبعة سنة ١٣٣٠ هـ‍.
(٣) الشرح الكبير ج ٤ ص ٧٦.
(٤) نهاية المحتاج ج ٥ ص ٣٥٨ - ٣٥٩.
(٥) كشاف القناع ج ٢ ص ٤٤٢.
(٦) شرح الأزهار ج ٣ ص ٤٦٠.