للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منعهم من أخذ أعيان أموالهم يفتح باب الحيل بأن يجئ من لا مال له فيشترى بثمن فى ذمته ثيابا يلبسها أو دارا يسكنها أو طعاما له ولعائلته ويمتنع على أصحابها أخذها لتعلق حاجة المفلس بها فيضيع أموالهم ويستغنى هو بها، فعلى هذا يؤخذ ذلك من المفلس ولا يترك له شئ منه لأنه اعيان أموال الناس فكانوا أحق بها منه كما لو كانت فى أيديهم أو أخذها منهم غصبا، ومتى باع القاضى شيئا من مال المفلس دفع ثمنه للدائن ان كان واحدا، لأنه لا حاجة الى تأخيره. وكذلك إن كان الدائن متعددا واجتمع من مال المفلس ما يمكن قسمته عليهم فانه يجب على القاضى أن يقسمه بينهم بنسبة دين كل واحد منهم على الفور لأن فى تأخير ذلك ظلم لهم. ولا يلزم الدائنين الحاضرين إقامة البينة بأن لا دائن للمفلس سواهم. وقسمة القاضى لمال المفلس على الدائنين الحاضرين ليست حكما منه بأنه لا يوجد للمفلس دائن سواهم. وأجرة المنادى ونحوه ككيال ووزان وحمال وحافظ‍ لم يتبرع بعمله تكون من مال المفلس لأن البيع حق على المفلس لكونه طريقا الى وفاء دينه فمؤنته عليه، وتقدم أجرة ذلك على ديون الدائنين، لأنه من مصلحة المال. وقيل: تكون أجرة كل ذلك من بيت المال من مال المفلس لأنه من المصالح ثم يبدأ القاضى عند قسمة مال المفلس بوفاء دين من له رهن لازم فيختص المرتهن بثمن الرهن اذا كان ثمنه بقدر دينه سواء كان المفلس حيا أو ميتا، لأن حقه متعلق بعين الرهن وذمة الراهن بخلاف غيره من الدائنين يتعلق حقهم بالذمة دون العين فكان حقه أقوى وإن كان ثمن الرهن أقل من دينه قاسم مع الدائنين بالباقى من دينه. وان كان ثمن الرهن أكثر من دينه أعطى قدر دينه ورد الباقى على مال المفلس ليقسم بين الدائنين لانه انفك من الرهن بالوفاء فصار كسائر. أموال المفلس ثم بعد ذلك يبدأ بمن له عين مال باعها للمفلس قبل الحجر. أو استأجرها المفلس منه ولم يمض من مدتها زمن له أجرة فيأخذها صاحبها بشروطه ثم يقسم الباقى من مال المفلس بين الدائنين بقدر ديونهم لأن فيه تسوية بينهم ومراعاة لكلمية حقوقهم. فان كانت ديونهم من جنس الاثمان أخذوها وإن كان فيهم من دينه من غير جنس الاثمان كالقرض بغير الاثمان وليس من مال المفلس من جنسه ورضى أن ياخذ عوض بحقه فى الاثمان جاز وان امتنع وطلب جنس حقه اشترى له بحصته من الثمن من جنس دينه لانه الواجب ولا يجبر على الاعتياض. ولو أراد الدائن الأخذ من مال المفلس المجموع وقال المفلس لا أقضيتك الا من جنس دين قدم قول المفلس لانه طالب للأصل الواجب فلا يجبر على المعاوضة. وان كان فى الدائنين من له دين سلم لم يجز أن يأخذ الا من جنس حقه حتى وان تراضيا على دفع عوضه لأن ما فى الذمة من السلم لا يجوز أخذ البدل عنه. ولو قضى القاضى أو المفلس بعض الدائنين دون البعض لم يصح، لأنهم شركاء من قضاه دينه فلم يجز إختصاصه بذلك دونهم. وان لم يكن قسمة ما اجتمع من قال المفلس أودع عند ثقة الى ان يجتمع منه ما يمكن قسمته فيقسم. وان احتاج فى حفظه الى غرامة دفع الى من يحفظه. وان تلف شئ من مال المفلس تحت يد القاضى أو أمينه أو المودع من غير تعد ولا تفريط‍ فالتالف من ضمان المفلس وماله لأن نماءه له فتلفه عليه (١)

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم: من ثبت للناس عليه حقوق من مال أو مما يوجب غرم مال ببينة عدل أو باقرار صحيح (٢) منه ان كان كل ما يوجد له من مال لا يفى بما عليه أو يفى بما عليه ولا يفضل له شئ فانه يقضى بما وجد له للدائنين كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع معاذ، ثم يباع لهم كل ما يوجد له ان اتفقوا على ذلك وان شاءوا اقتسموه بالقيمة (٣).


(١) المغنى والشرح الكبير ج ٤ ص ٤٩١، ٤٩٣ - ٥٠١، كشاف القناع وشرح المنتهى وبهامشه ج ٢ ص ١٤٦ - ١٤٨، ٢١٤ - ٢١٨
(٢) المحلى ج ٨ ص ٦٢٤ مسألة رقم ١٢٧٦
(٣) المحلى ج ٨ ص ٦٣٣ مسألة رقم ١٢٧٩