للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مطلقا بل المراد ان يتأخر وجوبها على المعسر - الذى لا يقدر على الصوم - أن يسقط‍ عنه أداؤها مطلقا بل المراد أن يتأخر وجوبها عليه طوال فترة اعساره الى أن يقدر على الاعتاق فى كفارة القتل أو الاعتاق أو الاطعام فى كفارة الظهار والافطار عمدا فى رمضان أو الاطعام أو الكسوة أو الاعتاق فى كفارة الحنث فى اليمين لأن ايجاب الفعل فى الحال على العاجز عنه محال. والاعسار باعتاق رقبة فى كفارة القتل والظهار والافطار عمدا شرط‍ لوجوب الصوم وكذلك الاعسار بها وبالاطعام والكسوة شرط‍ لوجوبه فى كفارة اليمين وكذلك الاعسار بدم التمتع أو القران وأدناه شاة شرط‍ لوجوب الصوم بدلا عنهما والوقت المعتبر فى اعسار المكفر ويساره بذلك هو وقت أداء الكفارة لا وقت وجوبها عليه، فلو كان موسرا وقت وجوبها بالقتل مثلا ثم أعسر جاز له الصوم وأجزأه وان كان على العكس لا يجوز، لأن الكفارة عبادة لها بدل ومبدل فيعتبر فيها وقت الاداء لا وقت الوجوب فاذا طرأ عليه الاعسار قبل التكفير بالمال فقد عجز عن الأصل قبل حصول المقصود به وقدر على تحصيله بالبدل.

ويشترط‍ استمرار الاعسار الى الفراغ من الصوم فلو كان معسرا ثم أيسر قبل الشروع فى الصوم أو بعد الشروع فيه قبل تمامه لم يجز صومه، لأنه قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل فيبطل المبدل وينتقل الأمر الى الأصل. وهو التكفير بالمال. وأما ما يخير الشخص فيه بين الصوم وغيره فلا فرق فيه بين المعسر والموسر، وذلك كجزاء قتل الصيد والدلالة عليه وفدية الحلق واللباس والطيب لعذر أثناء الاحرام بالحج.

وان أعسر الشيخ الفانى العاجز عن الصوم عجزا مستمرا بفدية افطاره فلا تجب عليه وتسقط‍ عنه فاذا أيسر بعد ذلك لا يلزمه اخراجها عن فترة اعساره، لأنه لا تقصير منه بوجه من الوجوه. وكذا لو نذر صوم الأبد فضعف عن الصوم لاشتغاله بالمعيشة ولم يقدر على الاطعام لاعساره فانه يسقط‍ عنه ويستغفر الله ويستقيله ولو بذل الابن لأبيه المعسر مالا ليكفر به فلا يثبت يساره به اجماعا (١).

[مذهب المالكية]

لا تجب الكفارة على المعسر حال اعساره الا أنه لو تكلف العتق بأن استدان واشترى رقبة وأعتقها عن كفارته فانه يجزئه ذلك عن كفارته سواء كان المتكلف جائزا أو مكروها كما اذا كان بالسؤال من الناس لأن السؤال مكروه ولو كان ممن عادته السؤال ويعطى وكذلك يجزئه ولو كان التكلف حراما كما اذا لا قدرة له على وفاء الدين الذى يريد استدانته لذلك ولا يعلم أرباب الدين بعجزه عنه (٢).


(١) البدائع ج ٥ ص ٩٧، ٩٨، ١١٢، حاشية ابن عابدين ج ٣ ص ٤٨٢، الاشباه والنظائر لابن نجيم ج ٢ ص ٢١٥، ١٣٧، ١٤١، حاشية الدسوقى والشرح الكبير
(٢) الخرشى وحاشية العدوى عليه ج ٢ ص ج ٢ ص ٤٥٨ - ٤٥٩