للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال شيخ الحصكفى النجم الغزى فى تاريخه فى ترجمة أبى بكر بن عبد الله الشاذلى المعروف بالعيدروس أنه أول من اتخذ القهوة، لما مر فى سياحته بشجر البن، فاقتات من ثمره فوجد فيه تخفيفا للدماغ، واجتلابا للسهر وتنشيطا للعبادة فاتخذه قوتا وطعاما، وأرشد اتباعه اليه، ثم انتشرت فى البلاد.

واختلف العلماء فى أول القرن العاشر.

فحرمها جماعة ترجح عندهم أنها مضرة، آخرهم بالشام والد شيخنا العيتاوى، والقطب ابن سلطان الحنفى.

وبمصر أحمد بن أحمد بن عبد الحق السنباطى تبعا لأبيه.

والأكثرون يذهبون الى أنها مباحة وانعقد الاجماع بعدهم على ذلك.

وأما ما ينضم اليها من المحرمات فلا شبهة فى تحريمه (١).

[مذهب المالكية]

يقول الحطاب: ظهر فى القرن العاشر الهجرى (٢) - أو قبله بيسير شراب يتخذ من قشر البن يسمى القهوة واختلف الناس فيه.

فمن متغال فيه يرى أن شربه قربه.

ومن متغال - الى جانب آخر - يرى أنه مسكر كالخمر.

والحق أنه فى ذاته لا اسكار فيه، وانما فيه تنشيط‍ للنفس، ويحصل بالمداومة عليه طراوة تؤثر فى البدن عند تركه، كمن اعتاد أكل اللحم بالزعفران والمفرحات فيتأثر عند تركه، ويحصل له انشراح باستعماله.

غير أنه قد تعرض له الحرمة لأمور.

منها: أنهم يجتمعون عليها ويديرونها كما يديرون الخمر، ويصفقون وينشدون أشعارا من كلام القوم، فيها القول وذكر المحبة وذكر الخمر وشربها، ونحو ذلك فيسرى الى النفس التشبه بأصحاب الخمر، خصوصا من كان يتعاطى مثل ذلك فيحرم حينئذ شربها لذلك، مع ما ينضم الى ذلك من المحرمات.

ومنها أن بعض من يبيعها يخلطها بشئ من المفسدات كالحشيشة ونحوها على ما قيل.

ومنها أن شربها فى مجامع أهلها يؤدى للاختلاط‍ بالنساء، ولأنهن يتعاطين بيعها كثيرا وللاختلاط‍ بالمرد لملازمتهم لمواضعها، ولسماع الغيبة، والكلام الفاحش والكذب الكثير من الأراذل الذين يجتمعون لشربها مما تسقط‍ المروءة بالمواظبة عليه.


(١) حاشية ابن عابدين ج‍ ٥ ص ٣٠٦ الطبعة السابقة.
(٢) لأن العلامة الحطاب توفى سنة ٩٥٤ هـ‍.