للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اذن أسرار واذن اعلان وهو المسمى بالخاص والعام فى الكتاب.

فالخاص أن يقول أذنت لعبدى فى التجارة لا على وجه ينادى أهل السوق فيقول: بايعوا عبدى فلانا فانى قد أذنت له فى التجارة. ولا خلاف فى أن العلم بالاذن شرط‍ لصحة الاذن فى هذا النوع لأن الاذن هو الاعلام قال الله تعالى:

«وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ» (١) أى اعلام والفعل لا يعرف اعلاما الا بعد تعلقه بالعلم ولأن اذن العبد يعتبر باذن الشرع ثم حكم الاذن من الشرع لا يثبت فى حق المأذون الا بعد علمه به فعلى ذلك اذن العبد.

وأما فى الاذن العام فان العبد يصير مأذونا وان لم يعلم به وذكر فى الزيادات فيمن قال لأهل السوق: بايعوا ابنى فلانا فبايعوه. والصبى لا يعلم بالاذن: أنه لا يصير مأذونا ما لم يعلم باذن الأب (٢).

أما ما يظهر به الاذن بالتجارة من جهة المولى فهو تشهيره الاذن واشاعته بأن ينادى أهل السوق: انى قد أذنت لعبدى فلان بالتجارة فبايعوه لأنه لا شك فيه وذلك لحصول العلم للسامعين بحس السمع من الاذن ولغير السامعين بالنقل بطريق التواتر واذا جاء رجل بعبد الى السوق وقال هذا عبدى أذنت له بالتجارة فبايعوه فبايعه أهل السوق، فلحقه دين ثم استحق أو تبين أنه كان حرا أو مدبرا أو أم ولد فهذا لا يخلو من أحد وجهين:

أما أن يكون الآمر حرا وأما أن يكون عبدا، فان كان الآمر حرا فعليه الأقل من قيمة العبد ومن الدين، وانما وجب أصل الضمان عليه لأنه غرهم بقوله هذا عبدى، فبايعوه حيث أضاف العبد الى نفسه وأمرهم بمبايعته فيلزمه ضمان الغرور.

وهذا لأن أمره اياهم بالمبايعة اخبار منه عن كونه مأذونا فى التجارة واضافة العبد الى نفسه اخبار عن كونه ملكا له والاذن بالتجارة مع عبد الآذن يوجب تعليق الدين برقبته فكان الاذن مع الاضافة دليلا على الكفالة بما يتعلق برقبته التى هى مملوكة له فيؤخذ بضمان الكفالة اذ ضمان الغرور فى الحقيقة ضمان الكفالة وان كان الآمر عبدا فان كان محجورا فلا ضمان عليه حتى يعتق لأن هذا ضمان كفالة وكفالة العبد المحجور لا تنفذ للحال وان كان مأذونا أو مكاتبا وكان الآذن حرا فلا ضمان على الآمر فى شئ.

وكذا لو كان الآمر صبيا مأذونا لأن المأذون والمكاتب لا تنفذ كفالتهما للحال، ولكنها تنعقد، فيؤاخذان به بعد العتق، والصبى لا تنعقد كفالته فلا يؤاخذ بالضمان (٣).

[مذهب المالكية]

جاء فى مواهب الجليل أن من أراد أن يحجر على ولده أتى الامام ليحجر عليه ويشهر ذلك فى الجامع والأسواق ويشهد على ذلك فمن باعه أو ابتاع منه بعد ذلك فهو مردود (٤).

واذا أراد الوصى أو الأب اطلاق هذا المجحور من الولاية كان له ذلك ويعقد فى ذلك لما تبين لفلان بن فلان الفلانى رشد محجوره أو ولده


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج‍ ٧ ص ١٩٣، ص ١٩٤ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج‍ ٧ ص ١٩٤
(٣) المرجع السابق للكاسانى ج‍ ٧ ص ٢٠١ الطبعة السابقة.
(٤) مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربى المعروف بالحطاب ج‍ ٥ ص ٦٤ فى كتاب على هامشه التاج والأكليل لمختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن يوسف بن أبى القاسم العبدرى الشهير:
بالمواق الطبعة الأولى سنة ١٣٢٩ هـ‍.