للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى «يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط‍ شهداء لله ولو على انفسكم .. » قال المفسرون ان بشهادة الانسان على نفسه هى اقراره عليها بالحق ..

[واما السنة]

فما روى أن النبى صلى الله عليه وسلم رجم ما عزا باقراره بالزنا والعامدية باعترافها به. وقال فى قصة العسيف: واغد يا أنيس الى امرأة هذا فان اعترفت فارجمها فقد قبل من ما عز ومن الغامدية اقرارهما بالزنا وعاملهما بموجبه واقام عليهما الحد بناء عليه.

وطلب الاقرار فى قصة العسيف وامر بالحد بمقتضاه. فلو لم يكن حجة لما أخذ به ولما رتب عليه الحد الذى من صفاته انه يدرأ بالشبهات. واذا كان حجة فى الحدود وهى تندرئ بالشبهات فلان يكون حجة فى غيرها من باب اولى ..

[واما الاجماع]

فقد اجمع المسلمون من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الى يومنا هذا على ان الاقرار حجة على المقر يعامل به ويؤاخذ بمقتضاه وجرت الأمة على ذلك فى المعاملات والاقضية من غير نكير.

[واما المعقول]

فلان الاقرار هو خبر كان بحسب الاصل مترددا بين الصدق والكذب - لكن النظرة المعقولة رجحت جانب الصدق فيه على جانب الكذب لوجود الداعى الى الصدق والصارف عن الكذب وهو عقل المقر ودينه اذ هما يحملانه على الصدق ويزجرانه عن الكذب وقد تحمله بنفسه الأمارة بالسوء على الكذب فى حق غيره حين يكون الكلام متعلقا بالغير اما فى حق نفسه فلا تحمله هذه النفس على الكذب الضار بالنفس وبالمال. فصار عقله ودينه وطبعه دواعى الى الصدق فى الاقرار زواجر عن الكذب فيه. فكان الصدق ظاهرا فيما اقر به على نفسه. فوجب قبول الاقرار منه والعمل به.

[الاقرار حجة قاصرة]

غير أن حجية الاقرار قاصرة على نفس المقر لا تتعداه الى غيره .. ذلك لأن المقر لا ولاية على غيره وانما ولايته قاصرة على نفسه دون غيره بخلاف البينة فانها حجة متعدية الى الغير يلزم بها ويحكم عليه بمقتضاها. ومن أمثلة ذلك:

(١) اخرج الطبرانى سندا الى ابن عباس رضى الله عنهما قال: بينما رسول الله صلّى الله عليه وسلم يخطبنا يوم الجمعة اذ أتى رجل فتخط‍ الناس حتى قرب اليه فقال يا رسول الله فقال اجلس فجلس ثم قام الثانية فقال:

يا رسول الله. اقم على الحد فقال اجلس فجلس: ثم قام الثالثة فقال يا رسول الله اقم على الحد. قال: وما حدك؟: قال: أتيت امرأة حراما. فقال صلّى الله عليه وسلّم لعلى وابن عباس وزيد بن حارثة وعثمان بن عفان رضى الله عنهم: انطلقوا به فاجلدوه ولم يكن تزوج. فقيل يا رسول الله: الا تجلد التى خبث بها؟. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم. من صاحبتك؟. قال فلانة فدعاها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسألها.

فقالت يا رسول الله كذب على. والله انى لا أعرفه. فقال رسول الله صلى الله عليه