للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الإباضية]

من خاف الموت فى رمضان أكل ما يقوته وقيل لا يعرف له حد دون الشبع (١).

حكم العاصى بسفره اذا أداه

سفره الى الاضطرار

[مذهب الحنفية]

يقول الجصاص: ان العاصى بسفره متى ترك الأكل فى حال الضرورة حتى مات كان مرتكبا لضربين من المعصية.

أحدهما: خروجه فى معصية.

والثانى: جنايته على نفسه بترك الأكل، وأيضا فالمطيع والعاصى لا يختلفان فيما يحل لهما من المأكولات أو يحرم، ألا ترى أن سائر المأكولات التى هى مباحة للمطيعين هى مباحة للعصاة كسائر الأطعمة والأشربة المباحة، وكذلك ما حرم من الأطعمة والاشربة لا يختلف فى تحريمه حكم المطيعين والعصاة فلما كانت الميتة مباحة للمطيعين عند الضرورة وجب أن يكون كذلك حكم العصاة فيها كسائر الأطعمة المباحة فى غير حالة الضرورة (٢).

[مذهب المالكية]

لا يفرق المالكية بين العاصى بسفره والمطيع فى اباحة المحرمات عند الاضطرار اليها على المشهور عندهم حيث جاء فى حاشية الدسوقى تعليقا على عبارة خليل وهى (للضرورة ما يسد الرمق) ما يلى انها تتناول المتلبس بالمعصية كما هو مختار ابن يونس وشهره القرافى.

خلافا لمن قال لا يباح له تناول الميتة وتمسك بظاهر قوله تعالى:

{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ،} وقوله تعالى {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ}.

وأجاب أصحاب القول المشهور بأن المراد غير باغ فى نفس الضرورة بأن يتجانف ويميل فى الباطن لشهوته ويتمسك فى الظاهر بالضرورة كأنه قيل فمن اضطر اضطرارا صادقا فاذا عصى فى نفس السبب المبيح كأن كذب فى الضرورة وبغى وتعدى فيها وتجانف الاثم كانت كالعدم.

ثم بين القرطبى أن اتلاف المرء نفسه فى سفر المعصية أشد من المعصية لقوله تعالى {(وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ)} وهذا عام ولعله يتوب فى ثانى حال فتمحو التوبة عنه ما كان فمن امتنع عن المباح كان قاتلا لنفسه عند جميع أهل العلم ولا يختلف فى ذلك عندهم حكم العاصى والمطيع بل امتناعه عند ذلك عن الأكل زيادة على عصيانه فوجب أن يكون حكمه وحكم المطيع سواء فى استباحة الأكل عند الضرورة (٣).


(١) شرح النيل ج ٩ ص ٢٠٦.
(٢) أحكام القرآن للجصاص ج ١ ص ١٢٦ وما بعدها.
(٣) أحكام القرآن للقرطبى ج ٢ ص ٢٣٢.