للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجهولا لأحدهما أولهما ويصح الابراء من المجهول ولو لم يتعذر علمه لأنه اسقاط‍ حق فينفذ مع العلم والجهل لكن اذا كان المبرئ لا يعلم بالدين والمدين يعلمه ولكنه كتمه عن الدائن خوفا من أنه اذا علمه يطالبه به ولا يبرئه منه. وأبرأ الدائن المدين فى هذه الحالة فان الابراء لا يصح لأن فيه ظلما للدائن وهضما لحقه. وابراؤه هذا ليس صادرا عن ارادة معتبرة وانما هو ضرب من الهزل.

اذ هو يعتقد أن لا دين له.

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى (١) لابن حزم: ومن كان له عند آخر حق فى الذمة دراهم أو دنانير أو غير ذلك أو أى شئ كان فقال له: قد وهبت لك مالى عندك أو قال قد أعطيتك مالى عندك … فلا يلزم شئ من ذلك لأن الهبة والعطية والصدقة تقتضى موهوبا له ومعطى له، موجودا ومعروفا وتقتضى موهوبا ومعطى معلوما. وهنا لا يدرى ذلك الحق الذى له عند فلان فى أى جوانب الدنيا هو. ولعله فى ملك غيره الآن. وانما يجوز هذا بلفظ‍ الابراء أو العفو أو الاسقاط‍ أو الوضع.

ويجوز أيضا بلفظ‍ الصدقة لحديث أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه: أصيب رجل فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ثمار أبتاعها فكثر دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدقوا عليه فهذا عموم للغرماء

وغيرهم وهذا صريح فى جواز الابراء من الدين مع جهالته وكذا اسقاطه.

[مذهب الزيدية]

ذهب الزيدية الى عدم جواز الابراء من الدين مع جهالته لأن الغالب عندهم فيه معنى التمليك وتمليك المجهول غير جائز.

جاء فى شرح الأزهار المنتزع من الغيث المدرار أنه لو قال الدائن للمدين أسقطت عنك مالى عليك ولم يعينه لم يصح هذا الاسقاط‍ اذا علم من حاله أنه لو عين له مقدار الدين لم يسقطه عنه.

وذهب الهادى والمؤيد بالله والقاسم الى جواز اسقاط‍ المجهول (٢).

وقال الزيدية انه لا يصح الابراء مع التدليس كأن يبرئ الدائن مدينه بناء على تفهيم المدين اياه أنه فقير أو أن الدين تافه ثم يظهر خلاف ذلك لما فيه من التغرير وعدم تحقق ارادة الابراء (٣).

[مذهب الإمامية]

ويرى الإمامية (٤) صحة الابراء مع جهالة المبرأ منه لأنه اسقاط‍ وليس معاوضة حتى يعتبر فيه ما يعتبر فيها.


(١) المحلى لابن حزم الظاهرى ج ٩ ص ١١٧ الطبعة السابقة.
(٢) شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار ج ٤ ص ٣٠٢ وما بعدها ومطالب أولى النهى شرح غاية المنتهى ص ٣٩٢
(٣) شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار فى فقه الائمة الاطهار ج ٤ ص ٢٩٨ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٤) كفاية الاحكام.