للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتصلى خلف ابن الزبير؟ فقال ابن عمر: إذا نادوا حى على الصلاة حى على خير العمل جئنا وإذا نادوا حى على قتل النفس قلنا: لا، لا ورفع صوته وقد كان بعض الصحابة يصلون خلف مروان بن الحكم وكان ابن عباس وجابر بن زيد وأبو عبيدة مسلم والربيع بن حببب رضى الله تعالى عنهم يصلون معهم الجمعة وغيرها ما صلوها لوقتها يرون ذلك عليهم حقا واجبا وفرضا لازما لما جاء في ذلك من الأحاديث المروية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأما المنافق من أهل الدعوة فلا تجوز الصلاة خلفه كما لا تجوز شهادته لأنه متهم أن يصلى بما لا يجوز أو ينقص شيئا من شروطها، وكذلك لا يصلى خلف من ضر وقاتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق والقاعد على فراش حرام وقال بعضهم بجواز الصلاة خلف المنافق إن قدمه غيره والدليل على هذا ما روى من طريق ابن عباس رضى الله تعالى عنه أن "النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: الصلاة جائزة خلف كل بر وفاجر ما لم يدخل فيها ما يفسدها وما روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أئمتكم وفدكم إلى ربكم فانظروا ما توفدون إلى ربكم".

[الأحق بالإمامة ومن تكره إمامته]

[مذهب الحنفية]

جاء في البحر الرائق (١): أن الأعلم أحق بالإمامة أي أولى بها. قال الأكثرون هو الأعلم بالسنة باعتبار أن أحكام الصلاة لم تستند إلا من السنة وأما الصلاة في الكتاب فمجملة وقدم أبو يوسف رحمه الله تعالى الأقرأ، لحديث الصحيحيين يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم إسلاما ولا يؤم الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه وفى الهداية أجاب عن الحديث بأن أقرأهم كان أعلمهم لأنهم كانوا يتلقونه بأحكامه فقدم في الحديث وليس كذلك في زماننا فقدمنا الأعلم ولأن القراءة يفتقر إليها لركن واحد والعلم يفتقر إليه لسائر الأركان وذكر صاحب فتح القدير أن أحسن ما يستدل به للمذهب هو حديث: مروا أبا بكير فليصل بالناس وكان هناك من هو أقرأ منه بدليل قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أقرؤكم أبى. وكان أبو بكر رضى الله تعالى عنه أعلمهم بدليل قول أبى سعيد: كان أبو بكر أعلمنا، وهذا آخر الأمر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفى الخلاصة: الأكثر على تقديم الأعلم، فإن كان متبحرا في علم الصلاة لكن لم يكن له حظ في غيره من العلوم فهو أولى، وقيد في المجتبى الأعلم بأن يكون مجتنبا للفواحش الظاهرة وإن لم يكن ورعا، وقيد في السراج الوهاج تقديم الأعلم بخير الإمام الراتب وأما الإمام الراتب فهو أحق من غيره وإن كان غيره أفقه منه. وقيد جماعة تقديم الأعلم - بأن يكون حافظا من القرآن قدر ما تقوم به سنة القراءة وقيد في الكافى بأن يكون حافظا قدر ما تجوز به الصلاة وينبغى أن يكون المختار قولا ثالثا وهو أن ليكون حافظا للقدر المفروض والواجب وإذا لم يوجد الأعلم فالأقرأ وهذا يحتمل شيئين أحدهما أن يكون المراد به أحفظهم للقرآن


(١) انظر البحر الرائق، شرح كنز الدقائق للإمام العلامة الشيخ زين الدين الشهير بابن نجيم وبهامشه الحواشى المسماة بمنحة الخالق على البحر الرائق للسيد، محمد أمين الشهير بابن عابدين جـ ١ ص ٣٦٧، ص ٣٦٧ - ص ٣٦٨ وما بعدهما طبع مطابع المطبعة العلمية بمصر الطبعة الأولى سنة ١٣١٠ هـ.