هو المتبادر والثانى أحسنهم تلاوة للقرآن باعتبار تجويد قراءته وترتيلها ثم يقدم الأورع أي الأكثر اجتنابا للشبهات والفرق بين الورع والتقوى أن الورع اجتناب الشبهات والتقوى اجتناب المحرمات ولم يذكر الورع في الحديث السابق وإنما ذكر فيه بعد القراءة الهجرة لأنها كانت واجبة في ابتداء الإسلام قبل الفتح فلما انتسخت بعده أقمنا بالورع مقامها واستثنى في معراج الدراية من نسخ وجوبها بعده ما إذا أسلم في دار الحرب فإنه تلزمه الهجرة إلى دار الإسلام لكن الذي نشأ في دار الإسلام أولى منه إذا استويا فيما قبلها. ثم يقدم الأسن لحديث مالك بن العويرث رضى الله تعالى عنه أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال له ولصاحب له: إذا حضرت الصلاة فأذنا ثم أقيما ثم ليؤمكما أكبركما وقد استويا في الهجرة والعلم والقراءة وعلل له في البدائع بأن من امتد عمره في الإسلام كان أكثر طاعة وهو يدل على أن المراد بالأسن الأقدم إسلاما ويشهد له حديث الصحيحين المتقدم من قوله: فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم إسلاما فعلى هذا لا يقدم شيخ أسلم قريبا على شاب نشأ في الإسلام أو أسلم قبله وكلام الكنز ظاهر في تقديم الأورع على الأسن، وهكذا في كثير من الكتب وفى المحيط ما يخالفه فإنه قال:"وإن كان أحدهما أكبر والآخر أورع فالأكبر أولى إذا لم يكن فيه فسق ظاهر وأشار صاحب الكنز إلى أنهما لو استويا في سائر الفضائل إلا أن أحدهما أقدم ورعا قدم وقد صرح به في فتح القدير وقد اقتصر صاحب الكنز على هذه الأوصاف الأربعة: وهى العلم والقراءة والورع والسن وقد ذكروا أوصافا أخرى ففى المحيط: فإن استويا في السن قالوا: يقدم أحسنهما خلقا فإن استويا فأحسنهما وجها أولى وفسر الشمتى الخلق بالإلف بين الناس وفسر في الكافى أحسنهم وجها بأكثرهم صلاة بالليل لحديث: "من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار" وقدم في الفتح الحسب عنى صباحة الوجه، فإن استووا فأشرفهم نسبا وزاد الإمام الاسبيجابى على ذلك أوصافا ثلاثة أخرى وهى: فإن استووا فأكثره مالا أولى حتى لا يطلع على الناس فإن استووا في ذلك فأكثرهم جاها أولى. وزاد في المعراج أنظفهم ثوبا، واختلف في المسافر مع المقيم فقيل هما سواء وقيل المقيم أولى. وينبغى ترجيحه كما لا يخفى وفى الخلاصة: وإن اجتمعت هذه الخصال في رجلين فإنه يقرع بينهما أو الخيار إلى القوم، ولو قدم القوم غير الأقرأ، مع وجوده فإنهم قد أساءوا لكن لا يأثمون وهذا كله إذا لم يكونوا في بيت شخص أما إذا كانوا في بيت إنسان فإنه يكره أن يؤم ويؤذن لأن صاحب البيت أولى، بالإمامة إلا أن يكون معه سلطان أو قاضى فهو أولى لأن ولايتهما عامة كذا ذكر الاسبيجابى ويشهد له حديث الصحيحين السابق وفى السراج الوهاج ويقدم الوالى على الجميع وعلى إمام المسجد وصاحب البيت، والمسأجر أولى من المالك لأنه أحق بمنافعه وكذا المستعير أولى من المعير، وفى تقديم السمتعير نظر لأن للمعير أن يرجع في أي وقت شاء في العارية بخلاف المؤجر، وفى الخلاصة وغيرها: رجل أم قوما وهم له كارهون إن كانت الكراهية لفساد فيه أو لأنهم أحق بالإمامة يكره له ذلك وإن كان هو أحق بالإمامة لا يكره له ذلك. وفى بعض الكتب والكراهة على القوم وهو ظاهر لأنها ناشئة عن الأخلاق الذميمة وينبغى أن تكون الكراهة تحريمية في حق الإمام في صورة الكراهة لحديث أبى داود عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما مرفوعا: ثلاثة لا يقبل الله منهم