للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحول. وقال في الفتح لا يلزم من هذا أن قول الإمام له ذلك غير شرط. فإنه يصدُق بقوله له: إن أقمت طويلا منعتك من العودة، فإن أقام سنة منعه من العودة (١) ويجوز توقيت ما دون السنة كالشهر والشهرين، ولكن ينبغى ألا يلحقه ضرر بتقصير المدة جدا (٢).

ولا يمكن الحربيون من الإقامة في جزيرة العرب لخبر لا يجتمع دينان في جزيرة العرب (٣).

وإذا أراد الحربى المستأمن الذي أقام في دار الإِسلام فوق الحول الرجوع إلى دار الحرب بعد الحول - ولو لتجارة أو قضاء حاجة - منع لأنه قد صار ذميا، وعقد الذمة لا ينقض كما يمنع لو وضع عليه الخراج عند الحول ولو لم توضع عليه الجزية لأن خراج الأرض كخراج الرأس. كما تمنع المرأة المستأمنة الكتابية من الرجوع لو صار لها زوج مسلم أو ذمى في دار الإِسلام وإن لم يدخل بها، (٤) وإذا دخل الحربى دار الإِسلام مستأمنًا لا يمكن من الإقامة فيها سنة ويقول له الإِمام إن أقمت تمام السنة وضعت عليك الجزية لأن الحربى لا يمكن من إقامة دائمة في دار الإِسلام بالاسترقاق أو الجزية لأنه يصير عينا (جاسوسًا) لهم وعونا (ظهيرا) على مضرة بالمسلمين. ويمكن من الإِقامة اليسيرة لأن في منعها قطع الميرة والجلب وسد باب التجارة فحددت المدة بسنة لأنها مدة تجب فيها الجزية، فإن رجع إلى وطنه قبل تمام السنة فلا سبيل عليه وإذا مكث سنة فهو ذمى لأنه لما أقام سنة بعد قول الإمام له ما تقدم صار ملتزما للجزية فيصير ذميًا، وللإمام أن يوقف في ذلك ما دون السنة كالشهر أو الشهرين. (٥).

[مذهب المالكية]

إذا وقع الأمان للحربيين من الامام أو من غيره بشروطه وجب على المسلمين جميعا الوفاء به، فلا يجوز أسرهم ولا أخذ شئ من مالهم إلا بوجه شرعى، ولا تجوز أذيتهم بغير وجه شرعى. وإذا وقع الأمان بعد الفتح من الإمام أو غيره فالأمان يسقط القتل وللإِمام أن ينظر في غير القتل من أسر أو من أو فداء أو ضرب جزية (٦).

ولا يجوز تأمين غير المسلمين على السكنى في جزيرة العرب - من الحجاز واليمن لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يبقين دينان بجزيرة العرب" ولهم الاجتياز فيها في سفرهم لتجارة ونحوها وإقامة الأيام كالثلاثة لمصالحهم إذ دخلوا لمصلحة. كبيع طعام ونحو وليست الثلاثة قيدًا في أيام الإقامة - بل المدار على الإِقامة للمصالح. والممنوع الإِقامة لغير مصلحة. وظاهره: إن لهم المرور ولو لغير مصلحة. وهو كذلك (٧).

ولا يمكن مشرك من دخول الحرم لقوله عز وجل "إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا" والمسجد الحرام عبارة عن الحرم، فإن جاء رسولا خرج إليه من يسمع رسالته، وإن جاء لحمل ميرة خرج إليه من يشترى منه ومن جاء ليسلم خرج إليه من يسمع كلامه وإن دخل ومرض فيه لم يترك فيه وإن مات لم يدفن فيه وإن دفن فيه نبش وأخرج


(١) حاشية ابن عابدين جـ ٤ ص ١٦٨ و ١٦٩
(٢) حاشية ابن عابدين جـ ٤ ص ١٦٨ و ١٦٩
(٣) حاشية ابن عابدين جـ ٤ ص ١٦٨
(٤) حاشية ابن عابدين جـ ٤ ص ٢٠٢
(٥) حاشية ابن عابدين جـ ٤ ص ١٧١
(٦) الشرح الصغير (الطبعة السابقة) جـ ٢ ص ٢٨٨.
(٧) المهذب جـ ٢ ص ٢٥٩