للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فظاهر هذا أنه لم يزل الحضانة عن الجارية لتزويج أمها وأزلها عن الغلام.

ووجه ذلك ما روى أن عليا وجعفرا وزيد بن حارثة تنازعوا فى حضانة ابنة حمزة فقال على: ابنة عمى وأنا أخذتها.

وقال زيد: بنت أخى (لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين زيد وحمزة).

وقال جعفر: بنت عمى وعندى خالتها.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«الخالة أم» وسلمها الى جعفر .. رواه أبو داود .. فجعل لها الحضانة وهى مزوجة.

قال فى المغنى: والصحيح أنه لا فرق بين الغلام والجارية لأن حضانتها تسقط‍ بالنسبة لهما لقول الرسول صلى الله عليه وسلم للمرأة: «أنت أحق به ما لم تنكحى».

ولأنها اذا تزوجت اشتغلت بحقوق الزوج عن الحضانة.

وأما بنت حمزة فانما قضى بها لخالتها، لأن زوجها من أهل الحضانة.

وعلى هذا متى كانت المرأة متزوجة لرجل من أهل الحضانة كالجدة تكون زوجة للجد لم تسقط‍ حضانتها لأنه يشاركها فى الولادة والشفقة على الولد، فأشبه الأم اذا كانت متزوجة من الأب، وظاهر قول الخرقى أن التزويج بأجنبى يسقط‍ الحضانة بمجرد العقد وان عرى عن الدخول (١).

[مذهب الظاهرية]

الظاهرية قالوا: الأم أحق بحضانة الولد الصغير والابنة الصغيرة حتى يبلغا المحيض أو الاحتلام أو الانبات مع التمييز وصحة الجسم سواء كانت أمة أو حرة تزوجت - ولو بأجنبى أو بقريب - أو لم تتزوج، برهان ذلك قول الله عز وجل:

«وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ» (٢).

وقول الله تعالى: {وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ» (٣) بهذا لم يأت نص صحيح قط‍ بأن الأم اذا تزوجت يسقط‍ حقها فى الحضانة، وأما قولنا أنه لا يسقط‍ حق الأم فى الحضانة بزواجها اذا كانت مأمونة وكان الذى تزوجها مأمونا فالنصوص التى ذكرنا (٤).

[مذهب الزيدية]

الزيدية قالوا: حق الحضانة ثابت للأم اجماعا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم للمرأة: «أنت أحق به ما لم تنكحى» ويبطل حقها فى الحضانة بالنكاح وفى الطلاق الرجعى، لأن حكم الزوجية باق فيها. وفى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما لم تنكحى» تنبيه على أن المانع اشتغالها بالزوج ولا يبطل حقها فى الحضانة ان نكحت ذا رحم له اذ يكون كالأب (٥).


(١) المغنى لابن قدامة ج‍ ٩ ص ٣٠٦، ٣١٠.
(٢) سورة الأحزاب: ٦.
(٣) سورة البقرة: ٢٣٣.
(٤) المحلى لابن حزم ج‍ ١٠ ص ٣٢٣، ٣٢٤ الطبعة السابقة.
(٥) البحر الزخار ج‍ ٣ ص ٣٨٤ - ٣٨٦ الطبعة السابقة.