قال: له على مائة درهم ثم سكت سكوتا طويلا بدون عذر ولا سبب مبرر، أو اشتغل بكلام أو عمل آخر، ثم قال: الا عشرين بطل الاستثناء ولزمته المائة كلها.
وكذلك يشترط لصحة الاستثناء أن يكون المستثنى غير مستغرق للمستثنى منه، فان كان مستغرقا بطل الاستثناء ولزمه المقر به المستثنى منه، فلو قال: له على عشرة دراهم الا عشرة بطل الاستثناء ولزمته العشرة كلها.
واذا توفرت هذه الشروط وكان المستثنى منه مبهما، وفسر المقر المستثنى فان هذا التفسير يكفى لبيان المستثنى منه ويعتبر تفسيرا له، فان قال: له على مائة الا دينارا كان بيان المستثنى بالدنانير تفسيرا للمستثنى منه وكانت المائة المقر بها دنانير ويلزمه الباقى بعد طرح المستثنى، فان لم يتصل المستثنى بالمستثنى منه أو كان مستغرقا له كان الاستثناء باطلا ولا يعتبر تفسير المستثنى تفسيرا للمستثنى منه فى هذه الحالة بل يكون للمقر الحق فى تفسيره بما أحب، فلو قال: له على مائة ثم سكت سكوتا طويلا بدون عذر ولا مبرر - ثم قال: الا دينارا أو قال: له على مائة الا مائة دينار. لا يعتبر تفسير المستثنى فى المثالين تفسيرا للمستثنى منه لأن الاستثناء باطل فيهما ويلزم المقر بالمائة، وعليه أن يفسرها بما يريد.
واعتبر الزيدية الشرط فى صحة الاستثناء عدم الاستغراق، أما استثناء الاكثر نحو له عشرة الا سبعة واستثناء النصف نحو له على عشرة الا خمسة فيبدو أنه صحيح كما هو رأى الجمهور.
[تعدد الاستثناءات]
الوجه فى صحة الاستثناء من الاستثناء قوله تعالى:«إِنّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ إِلاّ آلَ لُوطٍ إِنّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ امْرَأَتَهُ» واذا تعددت الاستثناءات اعتبرت فيها قاعدة الاستثناء من الاثبات نفى ومن النفى اثبات. مع ملاحظة أن الاستثناء المستغرق لما قبله باطل سواء كان مساويا له أو أكثر منه. فلو قال:
له على عشرة الا تسعة الا ثمانية الا سبعة الا ستة لزمه ثمانية، لأن عبارة الاقرار أثبتت الالتزام بعشرة والاستثناء الاول نفى تسعة، فيبقى واحد مثبت، وقد اثبت الاستثناء الثانى ثمانية تضاف الى الواحد فيصير المثبت تسعة، نفى منها الاستثناء الثالث سبعة فيبقى من المثبت اثنان يضاف اليهما ستة أثبتها الاستثناء الأخير فيكون المثبت ثمانية.
ولو قال: له على عشرة الا ثلاثة الا خمسة لزمه سبعة لأن استثناء الخمسة من الثلاثة مستغرق فيبطل، فيبقى استثناء الثلاثة من العشرة ويكون الباقى سبعة وهو اللازم .. وان قال: له على عشرة الا سبعة الا سبعة الا خمسة لزمه ثمانية، لأن استثناء السبعة من السبعة مستغرق فيبطل .. ويبقى ما عداه وقد نفى من العشرة سبعة وبقى ثلاثة يضاف اليها