للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الشافعية]

المعتمد أن الحجر على المفلس يستمر الى قضاء الديون بل يستمر بعد قضائها أو الابراء منها مثلا، فلا ينفك بمجرد قسمة مال المفلس وقضاء الديون ولا باتفاق الدائنين على رفعه لاحتمال ظهور دائن اخر غيرهم وانما يفكه القاضى لا غيره لانه لا يثبت الا باثباته فلا يرتفع الا برفعه، لانه يحتاج الى نظر واجتهاد. واذا لم يبق للمفلس بعد قسمة ماله سوى الموقوف عليه والموصى بمنفعته له فالظاهر أنه يجوز للقاضى فك الحجر عنه فيما عداهما. وقال بعض مشايخ المذهب: لا يجوز للقاضى فك الحجر عن المفلس قبل وفاء الدين ولو فى الموقوف على المفلس أو الموصى له بمنفعته. ولو فك القاضى الحجر عن المفلس ثم ظهر له مال قديم كان موجودا قبل الحجر وأخفاه أو لم يعلم به فانه يتبين استمرار الحجر على الاصح سواء حدث له بعد فك الحجر مال ودائنون أم لا. والمال الذى ظهر أنه كان موجودا قبل فك الحجر يكون للدائنين القدماء فقط‍، لتعلق حقهم به قبل فك الحجر. أما ان حدث للمفلس مال بعد فك الحجر عنه فلا تعلق لاحد فيتصرف فيه كيف شاء (١).

[مذهب الحنابلة]

ينفك حجر المفلس بلا حكم إذا لم يبق عليه شئ من الدين لأن المعنى الذى حجر عليه من أجله قد زال أما أن بقى على المفلس شئ من الدين بعد قسمة ماله على الدائنين فلا ينفك الحجر عنه إلا بحكم القاضى بفكه لأنه حجر ثبت بحكمه فلا يزول إلا بحكمه، ولأن فراغ مال المفلس يحتاج إلى معرفة وبحث ونظر فى الأصلح من بقاء الحجر وفكه فوقف ذلك على القاضى، وهذا هو الأولى وقيل: يزول الحجر عن المفلس بمجرد قسمة ماله بدون حاجة إلى فكه من القاضى لأنه حجر عليه لأجل ماله فإذا زال ملكه عنه زال سبب الحجر فزال الحجر كزوال حجر المجنون لزوال جنونه. وإذا فك القاضى الحجر عن المفلس لأحد مطالبته ولا ملازمته حتى يملك مالا. فإن جاء الدائنون عقب فك الحجر عن المفلس فادعوا أن فى يده مالا لم تقبل دعواهم هذه إلا ببينة لأنه خلاف الظاهر. فإن ادعوا ذلك بعد مدة أو ادعوا ذلك عقب فك الحجر، وبينوا سبب المال أحضره القاضى وسأله عما ذكره الدائنون فإن أنكر أن بيده مالا فالقول قوله لأنه ما فك الحجر عنه إلا بعد أن لم يبق له شئ. وإن أقر أن بيده مالا فعلا، وقال: هو لفلان وأنا وكيله أو عامله فإن كان المقر له حاضرا سأله القاضى فإن صدقه فهو له، ويستحلفه القاضى لجواز أن يكونا تواطأ على ذلك ليدفع المطالبة عن المفلس وإن كذبه أو صدقه ولم يحلف تبين كذب المفلس فيعاد الحجر عليه إن طلب الدائنون ذلك وكان المال لا يفى بدينه وإلا وفاء منه ولا حاجة إلى الحجر. وإن كان المقر له غائبا أقر المال فى يد المفلس حتى يحضر الغائب ويسأل على الوجه المذكور فى الحاضر. وإذا انفك الحجر على المفلس بقضاء القاضى وعليه بقية من دين ثم لزمته ديون أخرى وظهر له مال فحجر عليه ثانيا ولو يطلب أصحاب الديون التى لزمته بعد الحجر فإنه يكون من حق دائنى الحجر الأول مشاركة دائنى الحجر الثانى فى ماله الموجود حينئذ، سواء حدث له بمعاملة أم بغيرها كميراث ونحوه لأنهم تساووا جميعا فى ثبوت حقوقهم فى ذمته فتساووا فى الاستحقاق إلا أن الأولين يضرب لهم فى ماله الموجود ببقية ديونهم أما الآخرون فيضربون بجميع ديونهم (٢).


(١) نهاية المحتاج بحاشية الشبراملسى ج ٣ ص ٣٢٣ الطبعة السابقة، تحفة المحتاج ج ٢ ص ١٣٢ الطبعة السابقة، حاشية القليوبى على شرح المنهج للمحلى ج ٢ ص ٢٩١ الطبعة السابقة، اسنى المطالب بحاشية الرملى ج ٢ ص ١٩٤ الطبعة السابقة، حاشية البجرمى على شرح منهج الطلاب ج ٢ ص ٣٧٥ الطبعة السابقة. حاشية القليوبى على شرح المحلى للمنهاج ج ٢ ص ٢٨٩ الطبعة السابقة، اسنى المطالب بحاشية الرملى ج ٢ ص ١٩١ الطبعة السابقة.
(٢) المغنى والشرح الكبير ج ٤ ص ٥٠١ - ٥٠٢، ٥٠٨ الطبعة السابقة، كشاف القناع وشرح المنتهى بهامشه ج ٢ ص ١٥١، ٢٢٠ الطبعة السابقة.