للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اخراجه من ملكه وكل أجل أجله الحاكم متبين عذر فى حق من لزمه البيان للأجل فانه يعذر ويؤجل له آخر وهكذا بلا حد.

وفى الأثر اذا عرف العبد لرجل بتأليد أو عرف أنه جلب من أرض الحبشة فادعى أنه حر لم يشتغل به الا ان بين وأما غير هؤلاء من العبيد اذا ادعى الحرية فالقول قوله وكذا ان قال أنا معتق أو قال أعتقنى رجل ولم يسمه وان سماه فعليه بيان أنه أعتقه (١).

[أعذار القاضى للمدعى والمدعى عليه ..]

[مذهب الحنفية]

جاء فى تبيين الحقائق أنه ان صحت الدعوى سأل القاضى المدعى عليه عن الدعوى لينكشف له وجه القضاء ان ثبت حقه لأن القضاء بالبينة يخالف القضاء بالاقرار وهذا لأن الاقرار حجة ملزمة بنفسه ولا يحتاج فيه الى القضاء واطلاق اسم القضاء فيه مجاز وانما هو أمر بالخروج عما لزمه بالاقرار، بخلاف البينة فانها ليست بحجة الا اذا أتصل بها القضاء فيسقط‍ احتمال الكذب بالقضاء فى حق العمل فيصير حجة يجب العمل به كسائر الحجج الشرعية.

فان أقر المدعى عليه أو أنكر فبرهن المدعى قضى عليه لوجود الحجة الملزمة للقضاء.

وان لم يكن للمدعى بينة حلف المدعى عليه اذا طلب المدعى يمينه لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للمدعى: ألك بينة قال لا، فقال: صلّى الله عليه وسلّم لك يمينه، فقال: يحلف ولا يبالى، فقال صلى الله عليه وسلم: ليس لك الا هذا، شاهداك أو يمينه «فصار اليمين حقا له لاضافته اليه بلام التمليك، وانما صار حقا له لأن المنكر قصد اتواء (٢) حقه على زعمه بالانكار فمكنه الشارع من اتواء نفسه باليمين الكاذبة وهى الغموس ان كان كاذبا كما يزعم وهو أعظم من اتواء المال.

ولا ترد يمين على مدع لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم لكن اليمين علي المدعى عليه، رواه مسلم وأحمد رحمهما الله تعالى، جعل جنس اليمين على المنكر لأن الألف واللام للاستغراق وليس وراءه شئ آخر حتى يكون على المدعى، ولقوله صلى الله عليه وسلم «البينة على المدعى واليمين على من أنكر» حيث قسم بينها والقسم تنافى الشركة (٣).

ويقضى للمدعى ان نكل المدعى عليه مرة صريحا بقوله لا أحلف أو دلالة بسكوته، لاجماع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وروى عن على كرم الله تعالى وجهه انه وافق


(١) المرجع السابق ج ٦ ص ٧١٣ نفس الطبعة ..
(٢) جاء فى لسان العرب: أتوته أتوه أتوا وأتاوة: رشوته، وكل مأخذ بكره أو قسم على موضع من الجباية وغيرها (انظر مادة أتى) ..
(٣) تبين الحقائق شرح كنز الدقاق ج ٤ ص ٢٩٤ للامام فخر الدين عثمان بن على الزيلعى الطبعة الأولى، المطبعة الاميرية ببولاق مصر سنة ١٣١٤ هـ‍ ..