للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[أداء الدين]

[مذهب الحنفية]

قال الحنفية لو رد المستفرض أجود مما قبضه فان كان ذلك عن شرط‍ لم يحل لأنه منفعة القرض وان لم يكن ذلك عن شرط‍ فلا بأس به لأنه أحسن فى قضاء الدين وهو مندوب اليه وبيانه فى حديث عطاء قال:

«استقرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل دراهم فقضاه وأرجح له فقالوا أرجحت فقال صلى الله عليه وسلم: انا كذلك نزن» وعن عطاء رحمه الله أن ابن الزبير رضى الله عنه كان يأخذ بمكة الورق من التجار فيكتب لهم الى البصرة والى الكوفة فيأخذون أجود من ورقهم قال عطاء فسألت ابن عباس رضى الله عنه عن أخذهم أجود من ورقهم فقال لا بأس بذلك ما لم يكن شرطا (١).

[مذهب المالكية]

قال المالكية أن المقترض إذا قبض القرض فإن كان له أجل مضروب أو معتاد لزمه رده اذا انقضى ذلك الأجل وإن لم ينتفع به عادة أمثاله. فإن لم يكن ضرب له أجل ولم يعتد فيه أجل فلا يلزم المقترض رده لمقرضه إلا إذا انتفع به عادة أمثاله. واعلم أنه يجوز للمقترض أن يرد مثل الذى اقترضه وأن يرد عينه سواء كان مثليا أو غير مثلى وهذا ما لم يتغير بزيادة أو نقص فان تغير وجب رد المثل (٢).

[مذهب الشافعية]

قال الشافعية يجب على المستقرض رد المثل فيما له مثل لأن مقتضى القرض رد المثل فيجب أن يرد المثل وفيما لا مثل له وجهان أحدهما يجب عليه القيمة لأن ما ضمن بالمثل اذا كان له مثل ضمن بالقيمة اذا لم يكن له مثل كالمتلفات والثانى يجب عليه مثله فى الخلقة والصورة لحديث أبى رافع أن النبى صلى الله عليه وسلم أمره أن يقضى البكر بالبكر ولأن ما ثبت فى الذمة بعقد السلم ثبت بالقرض قياسا على ماله مثل (٣).

[مذهب الحنابلة]

قال الحنابلة (٤): للمقرض طلب بدل القرض فى الحال مطلقا لأن القرض يثبت فى الذمة حالا فكان له طلبه كسائر الديون الحالة ولا سبب يوجب رد المثل أو القيمة فكان حالا كالاتلاف ولا يلزم المقترض رد عين ما اقترضه لأنه ملكه ملكا تاما بالقبض فان رد عين ما اقترضه على المقرض لزم قبوله ان كان مثليا وان لم يكن القرض مثليا ورده بعينه فلا يلزم المقرض قبوله لأن الذى وجب له بالقرض قيمته فلا يلزمه الاعتياض عنها.

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم الظاهرى (٥): ان طالب صاحب الدين بدينه والشئ المستقرض حاضر عند المستقرض لم يجز أن يجبر المستقرض على أن يرد الذى أخذ بعينه ولا بد لكن يجبر على رد مثله لأنه قد ملك الذى استقرض وصار كسائر ماله فان لم يوجد له غيره قضى عليه حينئذ برده لأنه مأمور بتعجيل انصاف غريمه فتأخيره بذلك وهو قادر على الانصاف ظلم وقد قال عليه السلام «مطل الغنى ظلم».


(١) المبسوط‍ لشمس الدين السرخسى ح‍ ١٤ ص ٣٥ الطبعة الأولى طبع مطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٢٤ هـ‍.
(٢) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ح‍ ٣ ص ٢٢٦
(٣) المهذب ح‍ ١ ص ٣٠٤، ٣٠٥.
(٤) كشاف القناع ح‍ ٢ ص ١٣٧.
(٥) المحلى لابن حزم ح‍ ٨ ص ٧٩، ٨٠.