وكذا التفريق فى حق العنين لا يثبت ما دام طمع الوصول ثابتا، بل يؤجل سنة، لاحتمال الوصول فى فصول السنة، فاذا مضت السنة، ووقع اليأس الآن، يحكم بالتفريق.
وكذا أمر الله سبحانه وتعالى باظهار الحجج فى حق الكفار، والدعاء الى الاسلام الى أن يقع اليأس عن قبولهم فما لم يقع اليأس لا يباح لنا القتال، فكذلك ههنا ما دام الاحتلام يرجى يجب الانتظار، ولا يأس بعد مدة خمس عشرة سنة الى هذه المدة، بل هو مرجو فلا يقطع الحكم الثابت بالاحتلام عنه مع رجاء وجوده، بخلاف ما بعد هذه المدة، فانه لا يحتمل وجوده بعدها، فلا يجوز اعتباره فى زمان اليأس عن وجوده.
وأما الحديث فلا حجة فيه، لأنه يحتمل أنه أجاز ذلك لما علم النبى صلى الله عليه وسلم أنه احتلم فى ذلك الوقت.
ويحتمل أيضا أنه أجاز ذلك لما رآه صالحا للحرب، محتملا له على سبيل الاعتياد للجهاد، كما أمرنا باعتبار سائر القرب فى أول أوقات الامكان والاحتمال لها، فلا يكون حجة مع الاحتمال.
واذا أشكل أمر الغلام المراهق فى البلوغ فقال: قد بلغت يقبل قوله، ويحكم ببلوغه، وكذلك الجارية المراهقة، لأن الأصل فى البلوغ هو الاحتلام على ما بينا، وأنه لا يعرف الا من جهته، فالزمت الضرورة قبول قوله، كما فى الأخبار عن الطهر والحيض.
[مذهب المالكية]
جاء فى الشرح الكبير وحاشية الدسوقى (١) عليه: أن الصبى يصدق فى شأن البلوغ طالبا أو مطلوبا، كمطلق وجان ادعى عدمه، لدرء الحد بالشبهات، وكمدع وجوده، ليأخذ سهمه فى الجهاد، أو ليؤم الناس أو ليكمل به عدد جماعة الجمعة، ولو بالانبات، أن لم يرب ولم يشك فى صدقه فيما أخبر به.
فان ارتيب فيه لم يصدق، لكن فيما يتعلق بالأموال، كأن ادعى البلوغ ليأخذ سهمه، أو ادعى عليه أنه أتلف مالا أؤتمن عليه وأنه بالغ فأقر بذلك، وخالفه أبوه فى بلوغه، فلا ضمان عليه وصدق فى غير الأموال كالجناية والطلاق فلا يقع عليه ان ادعى عدم البلوغ لدرء الحدود بالشبهات، واستصحابا للأصل، فان ادعى وجوده صدق فى الطلاق فقط دون الجناية، لأن الريبة فى قوله شبهة تدرأ الحد عنه.
(١) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى علية ج ٣ ص ٢٩٣، ص ٢٩٤ طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر سنة ١٣٥٧ هـ.