للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكم ما اذا تسبب الإغماء فى فوات

الصلاة أو فى قطع الأذان

[مذهب الحنفية]

جاء فى بدائع الصنائع أنه ان أغمى على الانسان يوما وليلة أو أقل يجب عليه قضاء ما فاته من الصلوات لانعدام الحرج، وان زاد على يوم وليلة فلا قضاء عليه لأنه يحرج فى القضاء لدخول العبادة فى حد التكرار (١) وقال بشر رحمه الله تعالى: الاغماء: ليس بمسقط‍ حتى يلزمه القضاء وان طالت مدة الاغماء (٢).

[مذهب المالكية]

جاء فى منح الجليل أن الاغماء من الاعذار التى تبيح للمسلم أن يصلى الصلاة كلها فى وقتها الضرورى من غير أثم ولا معصية (٣). فاذا أفاق المغمى عليه فى الوقت الضرورى أدى الصلاة فيه من غير اثم لعدم تسبب المكلف فى ذلك (٤) قال فى المنتقى: ولو أن مغمى عليه أفاق قبل الغروب فذكر صلاة نسيها قبل الاغماء فانه يبدأ بالصلاة التى نسى قبل الاغماء فان بقى بعد فراغها وقت للصلاتين أو احداهما صلى ما أدركه الوقت وان لم يدرك شيئا من الوقت فقد اختلف فيه قول ابن القاسم رحمه الله تعالى فقال فى كتاب محمد لا يصلى ظهرا ولا عصرا واختاره أصبغ، ورواه عن مالك رحمهما الله تعالى، وقال مرة أخرى يصلى ما أفاق فى وقته رواه القاضى اسحاق عن محمد بن مسلمة فوجه الرواية الأولى ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها اذا ذكرها فان ذلك وقتها فاذا اجتمع فى هذا الوقت ثلاث صلوات واستوعبت الصلاة الأولى الوقت سقط‍ فرض ما بعدها لما كانت أحق بالوقت، ووجه الرواية الثانية أنه مغمى عليه أدرك وقت الظهر والعصر فلزمه الاتيان بهما وانما قدمت عليها الفائتة للترتيب لا لأن الوقت مختص أو لك لا يسقط‍ فرض الظهر والعصر (٥). قال فى الطراز: وان أغمى على من يؤذن فى بعض الأذان أو جن ثم أفاق بنى فيما قرب، وقال أشهب رحمه الله تعالى: ان رعف مقيم أو أحدث أو مات أو أغمى عليه ابتدأ فان بنى هو أو غيره أجزأ (٦).

[مذهب الشافعية]

جاء فى مغنى المحتاج أنه لا قضاء على شخص ذى اغماء اذا أفاق لحديث «رفع القلم عن ثلاث» عن الصبى حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ‍ وعن المجنون حتى يبرأ، صححه ابن حيان والحاكم، فورد النص فى المجنون وقيس عليه كل من زال عقله بسبب يعذر فيه، وسواء قل زمن ذلك أو طال، وانما وجب قضاء الصوم على من أغمى عليه جميع النهار لمشقة قضاء الصلاة لأنها قد تكثر بخلاف الصوم، نعم يسن للمغمى عليه والمجنون ونحوهما القضاء. بخلاف ذى الاغماء المتعدى به اذا أفاق فانه يجب عليه قضاء ما فاته من الصلوات زمن ذلك لتعديه (٧) ولو أغمى عليه أول الوقت واستغرق باقيه وجبت تلك


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لأبى بكر بن مسعود الكاسانى ج‍ ١ ص ٢٤٦ الطبعة الأولى طبع شركة المطبوعات العالمية بمصر سنة ١٣٢٧ هـ‍.
(٢) المرجع السابق ج‍ ١ ص ١٠٨ نفس الطبعة.
(٣) شرح منح الجليل على مختصر العلامة خليل للشيخ محمد عليش ج‍ ١ ص ١١٢ فى كتاب على هامشه فى حاشية المسماة تسهيل منح الجليل.
(٤) شرح أبى عبد الله محمد الخرشى على المختصر الجليل ج‍ ١ ص ٢٢٠ فى كتاب على هامشه حاشية الشيخ على العدوى الطبعة الثانية طبع المطبعة الكبرى الاميرية بمصر سنة ١٣١٧ هـ‍.
(٥) مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن عبد الرحمن المعروف بالحطاب ج‍ ١ ص ٤١١ فى كتاب على هامشه التاج والاكليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن يوسف بن أبى القاسم العبدرى الشهير بالمواق الطبعة الأولى طبع مطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٢٨ هـ‍.
(٦) المرجع السابق ج‍ ١ ص ٤٢٧ نفس الطبعة.
(٧) مغنى المحتاج لمعرفة ألفاظ‍ المنهاج للشيخ محمد الشربينى الخطيب ج‍ ١ ص ١٣٣ فى كتاب على هامشه متن المنهاج لأبى زكريا يحيى بن شرف النووى.