للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هنا لسن تطهيرا لا تعبدا، والتطهير لا يصل بالمسح ثم يغسل رأسه ولحيته بالخطمى (١)، لأن ذلك أبلغ فى التنظيف فان لم يكن فالصابون وما أشبهه فان لم يكن فيكفيه الماء القراح ولا يسرح شعره ثم يضجعه على شقة الأيسر لتحصل البداية بجانبه الأيمن اذ السنة هى البداية بالميامن فيغسله بالماء القراح حتى ينقيه ويرى أن الماء قد خلص الى ما يلى التخت منه ثم يضجعه على شقه الأيمن فيغسله حتى يرى أن الماء قد وصل الى ما يلى التخت منه ثم يقعده ويسنده الى ظهره أو يده فيمسح بطنه مسحا رفيقا حتى ان بقى شئ عند المخرج يسيل منه، هكذا ذكر فى ظاهر الرواية.

وروى عن أبى حنيفة فى غير رواية الأصول أنه يقعده ويمسح بطنه أو لا ثم يغسله بعد ذلك ثلاث مرات فيطهر.

ووجه ظاهر الرواية أن الميت قد يكون فى بطنه نجاسة منعقدة لا تخرج بالمسح قبل الغسل وتخرج بعد ما غسل مرتين فكان المسح بعد المرتين أولى. والأصل فى المسح ما روى أن النبى صلى الله عليه وسلم لما تولى تغسيله على والعباس والفضل بن العباس وصالح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسند على رسول الله صلى الله عليه وسلم الى نفسه ومسح بطنه مسحا رفيقا فلم يخرج منه شئ فقال على رضى الله عنه. طبت حيا وميتا.

ثم اذا مسح بطنه فان سال منه شئ يمسحه كيلا يتلوث الكفن ويغسل ذلك الموضع تطهيرا له عن النجاسة الحقيقية، ولا يعيد الغسل ولا الوضوء، لأن الموت أشد من خروج النجاسة ثم هو لم يمنع حصول الطهارة فلأن لا يرفعها الخارج، مع أن المنع أسهل أولى، ثم يضجعه على شقه الأيمن فيغسله بالماء القراح حتى ينقيه ليتم عدد الغسل ثلاثة، لما روت أم عطية فى الحديث السابق فى مذهب الظاهرية، ولأن الثلاث هو العدد المسنون فى الغسل حالة الحياة، ثم ينشفه فى ثوب لئلا تبتل أكفانه، وحكم المرأة فى الغسل حكم الرجل، وكذا الصبى فى الغسل كالبالغ لأن غسل الميت للصلاة عليه والصبى والمرأة يصلى عليهما الا أن الصبى اذا كان لا يعقل الصلاة لا يوضأ عند غسله لأن حالة الموت معتبرة بحالة الحياة وفى حالة الحياة لا يعتبر وضوء من لا يعقل فكذا بعد الموت، والمحرم وغير المحرم سواء لأن الاحرام ينقطع بالموت فى حق أحكام الدنيا (٢).

[مذهب المالكية]

قال المالكية: غسل الميت كالغسل من الجنابة، الأجزاء كالأجزاء والكمال كالكمال الا ما يختص به غسل الميت كالتكرار ولا يكرر وضوء على الراجح ويبدأ بغسل يدى الميت أولا ثم يزيل الأذى ان كان ثم يوضئه مرة مرة ويثلث رأسه ثم يفيض الماء على شقه الأيمن ثم على الأيسر وهذا الغسل لا يحتاج الى نية لأن ما يفعله الشخص فى غيره لا يحتاج اليها.

وجاء فى بلغة السالك: يندب تجريد الميت من ثيابه بعد ستر عورته ووضعه على مرتفع حين الغسل لأنه أمكن لغاسله، وكون الغسل وترا ثلاثا أو خمسا لسبع، ثم المدار على الانقاء، ولا يعاد الغسل ولا الوضوء لخروج نجاسة بعد اتمامها وتغسل النجاسة فقط‍ وندب عصر بطنه حال الغسل برفق لا بشدة وندب حينئذ كثرة صب الماء فى حال غسل مخرجيه لازالة النجاسة لأن الشأن فى الأموات كثرة ذلك، ولا يفضى الغاسل بيديه لغسل ذلك بل يلف خرقة كثيفة بيده حال غسل العورة من تحت السترة


(١) الخطمى - نبات محلل وخلط‍ بذره بالماء أو سحيق أصله يجمدانه - ترتيب القاموس المحيط‍ ج‍ ١ ص ٧٥، ص ٧٦ الطبعة السابقة.
(٢) بدائع الصنائع للكاسانى ج‍ ١ ص ٣٠٠، ص ٣٠١ الطبعة السابقة.