للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال مالك: الظاهر الأفضل أن القطع أولى من الترك لما فيه من إذلال العدو وصغارهم ونكايتهم لقوله تعالى «وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً.}. الآية».

[مذهب الشافعية]

وقال الشافعية (١): فى ذلك أنه يجوز حصار الكفار فى البلاد والقلاع ورميهم بنار أو منجنيق أو غيرهما. وقالوا إنه يجوز إحراق ما لا روح له. أما ما له روح من حيوان فإن قتله محرم لأنه يألم مما أصابه، إلا أن يذبح فيؤكل ولا يحل قتله لمغايظة العدو لقوله صلى الله عليه وسلم: «من قتل عصفورا فما فوقها بغير حقها، سأله الله عنها»، ولا تحرق حشرة النحل لأنها ذات روح.

وإذا تحصن أهل الحرب بحرم مكة امتنع قتالهم بما يعمهم وغيرهم، وكذا حصارهم تعظيما للحرم، فإذا قامت ضرورة لذلك جاز. وإذا رموا بالمنجنيق فارتد الرمى ورجع وأصاب أحد رجال جيش المسلمين ممن يرمون به، أو غيرهم، فقتله فديته على عواقل الذين رموا بالمنجنيق. فإن كان المصاب أحد الرماة الذين رموا به رفعت حصته من الدية.

[مذهب الحنابلة]

وقال الحنابلة (٢): إذا قدر على العدو فلا يجوز تحريقه بالنار بغير خلاف، وإن أمكن أخذ العدو بدون رميهم بالنار لم يجز رميهم، لأنهم فى معنى المقدور عليهم، وأما عند العجز عنهم بغيرها فجائز فى قول أكثر أهل العلم، ويجوز نصب المنجنيق عليهم، لأن النبى صلى الله عليه وسلم فعل ذلك بالطائف.

[مذهب الظاهرية]

وقال الظاهرية (٣): يجوز تحريق أشجار المشركين وأطعمتهم وزروعهم ودورهم وهدمها وقال الله تعالى «ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ} .. الآية»، وقد أحرق رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل بنى النضير.

[مذهب الزيدية]

وقال الزيدية (٤): يجوز للإمام ومن يوليه من قبله أن يحرق من حاربه، وأن يرميه بالمنجنيق بشرطين:

أحدهما: أن يتعذر إيقاع السيف فيهم لتحصنهم فى قلاع أو بيوت مانعة أو فى سفينة فى البحر.

الثانى: أن يكونوا فى تلك الحال قد خلوا مما لا يجوز أن يقتل من الصبيان أو النسوة ونحوهم.

فإذا اجتمع هذان الشرطان جاز قتلهم بما أمكن، فلا يجوز الإحراق إلا لضرورة ملجئة وهى تعذر دفعهم عن المسلمين أو تعذر قتلهم.


(١) نهاية المحتاج ج‍ ٨ ص ٦١، والأم الجزء الرابع ص ٢٨٧ وما بعدها.
(٢) المغنى ج‍ ١٠ ص ٥٣٢ وما بعدها وص ٥٠٢، والمحرر ج‍ ٢ ص ١٧٨.
(٣) المحلى ج‍ ٧ ص ٢٩٤.
(٤) شرح الأزهار ج‍ ٤ ص ٥٤١، ٥٠٠ والبحر الزخار ج‍ ٥ ص ٤١٤ وما بعدها.