يرى الحنفية أن الاجارة تفسخ بالأعذار، جاء فى البدائع أن العذر قد يكون فى جانب المستأجر وقد يكون فى جانب المؤجر وقد يكون فى جانب المستأجر (بفتح الجيم) أما ما يكون فى جانب المستأجر فكأن يفلس فيترك السوق لفلسه أو يريد سفرا يحول بينه وبين الانتفاع أو ينتقل من حرفة الى أخرى لا يستطيع أن يباشرها فى العين المستأجرة فالمفلس اذا كان لا ينتفع بالحانوت المستأجر يكون فى ابقاء العقد من غير استيفاء منفعة منه اضرار به لم يلتزمه بالعقد فلا يجبر على ذلك وكذلك يرى أن فى ترك السفر مع العزم عليه ضررا به وفى ابقاء العقد مع سفره ضرر به أيضا لما فى ذلك من الزامه الأجر من غير استيفاء المنفعة، وكذلك الحكم فى الانتقال من عمل الى عمل آخر اذ فى منعه من الانتقال ضرر به، وفى ابقاء العقد كذلك ضرر التزامه بالأجر من غير استيفاء منفعة وكذلك يعد من الأعذار ما لو ترتب على الابقاء على العقد ضرر بماله أو ببدنه ثم بدا له أن يفسخ العقد كما لو استأجر رجلا ليهدم داره أو ليقلع ضرسه أو ليحدث له فى ملكه شيئا من بناء أو حفر ثم بدا له ألا يفعل فله فسخ الاجارة لذلك ولا يجبر على شئ من ذلك لما يترتب عليه من نقص أو اتلاف أو ضرر بماله أو ببدنه فاذا بدا له وعلم ألا مصلحة له فيه فيبقى الفعل ضررا فى نفسه فكان له الامتناع من الضرر بالفسخ اذ الانسان لا يجبر على الاستئجار لضرر نفسه وعلى ذلك له الفسخ اذا استأجر ما يحمله الى الحج فبدا له ألا يحج ونحو ذلك ولهذا قالوا: ان المؤجر لو قال: ان هذا تعلل وهو لا يريد ترك السفر ولكن يريد فسخ الاجارة قال له الحاكم: انتظره فان خرج فيما استؤجر لأجله أو لا فلك الأجر المتفق عليه ولو استأجر أجيرا للحفر فحفر فظهر أن الأرض صلبة أو رخوة بحيث يخاف التلف كان ذلك عذرا يجيز الفسخ ولو استأجر كاتبا ليكتب له كتابا على أن عليه الحبر والورق كان له الفسخ لما يترتب على ابقاء الاجارة من استهلاك ماله، وأما الذى يكون فى جانب المؤجر فنحو أن يلحقه دين فادح لا يجد وفاء له الا من ثمن المستأجر فاذا كان الدين ثابتا قبل عقد الاجارة أو ثبت بعده بالبينة فللمؤجر الفسخ أما لو كان ثابتا بعد عقد الاجارة بالاقرار فكذلك عند أبى حنيفة خلافا لهما لاتهامه فى الاقرار به، ويقول الامام: ان الانسان لا يقر بالدين على نفسه كاذبا وكذا لو استأجر شيئا ثم أجره فاطلع على عيب فيه بعد ذلك كان له حق الفسخ اذ لا يستطيع الرد بالعيب مع بقاء عقد الاجارة وأما الذى يرجع الى المستأجر (بفتح الجيم) فكمرض الأجير مرضا يناله من العمل معه ضرر وكبلوغ الصبى اذا أجره أبوه فله الفسخ ان شاء وهذا بخلاف اجارة أملاكه فيبلغ فى أثناء المدة فليس له الفسخ (١)، وجملة القول فى ذلك عند الحنفية أن الاجارة اذا وقعت على استهلاك عين بغير عوض كالاستكتاب يقع على استهلاك الورق والحبر فلا ضير أن يفسخ العقد صونا لماله ويعد ذلك عذرا وهى