للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ان كان موجودا لانتفاء تقصيره لان الافلاس كالعيب فيفرق فيه بين العلم والجهل. أما ان كان يعلم افلاسه فليس له الفسخ لتقصيره. وقيل: له ذلك لتعذر الوصول الى الثمن. وقيل: ليس له ذلك مطلقا سواء كان يجهل افلاسه أم يعلمه وهو مقصر فى الجهل بافلاسه لتركه البحث عن حالته والاصح أنه اذا لم يمكنه التعلق بعين متاعه لعلمه بالافلاس أو لعدم وجود متاعه ضمن أموال المفلس أو لاختيار الجاهل به عدم الفسخ فانه لا يشارك الدائنين بثمن متاعه المبيع للمفلس لانه دين حادث بعد الحجر برضا مستحقه فلا يزاحم الدائنين الاولين بل ان فضل شئ عن دينهم أخذه والا بقى فى ذمة المفلس يطالبه به عند يساره. ومقابل الاصح: أنه يشاركهم به لانه فى مقابلة ملك جديد زاد به مال المفلس. وهذا الخلاف يجرى فى كل دين يحدث بعد افلاس المفلس والحجر عليه برضا مستحقه بمعاوضة. أما ما وجب على المفلس بدون رضا مستحقيه كبدل ما اتلفه وأرش جنايته ولو بعد الحجر عليه فان المستحق لذلك يشارك الدائنين فى الاصل لانه لم يقصر فلا يكلف الانتظار ليسار المفلس (١).

[مذهب الحنابلة]

لو قسم القاضى مال المفلس بين دائنيه ثم ظهر له دائن اخر لم تنقض القسمة ويرجع الدائن الذى ظهر على كل واحد من الدائنين بقدر حصته لانه لو كان حاضرا قاسمهم فكذا اذا ظهر بعد ذلك وليس قسم القاضى مال المفلس حكما وانما هو قسمة بان الخطأ فيها فلو كان للمفلس الف اقتسمه دائناه نصفين ثم ظهر ثالث دينه كدين احدهما رجع على كل واحد منهما بثلث ما قبضه. واذا أتلف أحدهما ما قبضه فالظاهر أنه يرجع عليه بحصته ولو أفلس شخص وله دار مستأجرة فانهدمت بعد قبض المفلس الاجرة وبعد قسمة ماله بين الدائنين فان المستأجر يرجع على الدائنين بحصته وهى أجرة ما بقى من المدة، لان سبب وجوب هذا الدين قبل الحجر (٢). وهذا اذا كان سبب وجوب هذا الدين قبل الحجر أما ان كان حادثا بعده فليس له ذلك كما سبق فى منع المفلس من التصرف

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم: اذا قسم مال المفلس بين الدائنين الحاضرين الطالبين ثم ظهر دين لغائب لم يوكل أو لحاضر لم يطلب، أو أقر به المفلس فانه لا يكون لاحد من هؤلاء أن يشارك الدائنين فيما قضى لهم به وأخذوه فعلا من مال المفلس لقوله صلّى الله عليه وسلم للدائنين «خذوا ما وجدتم» فاذا أخذوه فقد ملكوه فلا يحل أخذ شئ مما ملكوه قبل ظهور هذه الديون وتتعلق هذه الديون بذمة المفلس الى أن يظهر له مال (٣).

[مذهب الزيدية]

اذا قسم القاضى مال المفلس بين دائنيه وأخذ كل منهم حصته ثم ظهر له دائن اخر دينه سابق الحجر فالمذهب أن هذا الدائن يشارك سائر الدائنين فيما أخذوه من مال المفلس ويسترد له القاضى حصته من الدائنين سواء كان باقيا فى أيديهم أم قد تلف فيغرمون له حصته، وذلك لان الحجر لبعض الدائنين حجر لكلهم اذ حقهم فى مال المفلس على سواء فهو مستحق قطعا فينقض له الحكم كما لو خالف القاضى النص. فلو تعذر الرد غرم القاضى من بيت المال مع الخطأ حصة هذا الدائن الذى ظهر. وقد سبق فى قسمة مال المفلس أن للقاضى أن يحتاط‍ عند التقسيم بأخذ الكفلاء من الدائنين برد ما يلزم رده ولا سيما ممن كان غريبا. وهذا كله ان


(١) نهاية المحتاج بحاشية الشبراملسى ج ٣ ص ٣١٥ الطبعة السابقة، اسنى المطالب بحاشية الرملى ج ٢ ص ١٨٥، شرح المنهج بحاشية البجرمى ج ٢ ص ٣٦٩ الطبعة السابقة، شرح المنهاج بحاشية قليوبى ج ٢ ص ٢٨٨ الطبعة السابقة، تحفة المحتاج ج ٢ ص ١٢٧ الطبعة السابقة.
(٢) كشاف القناع ج ٢ ص ٢١٨ الطبعة السابقة، المغنى والشرح الكبير ج ٤ ص ٤٩١، ٥٠٢ الطبعة السابقة.
(٣) المحلى ج ٨ ص ٦٣٤ مسألة رقم ١٢٨٠، ١٢٨١ الطبعة السابقة.