للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الشافعية]

جاء فى مغنى المحتاج أن حيوان البحر - وهو ما لا يعيش الا فى الماء وعيشه خارج الماء كعيش المذبوح - منه ما ليس له رئة مثل أنواع السمك، ومنه ما له رئة مثل الضفدع فانها تجمع بين الماء والهواء.

أما السمك فهو حلال كيف مات سواء مات حتف أنفه أو بسبب ظاهر، كصدمة حجر أو ضربة صياد أو انحسار ماء وسواء كان راسيا أو طافيا لقول الله تبارك وتعالى: «أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيّارَةِ.» (١) أى مصيده ومطعومه.

وقال جمهور الصحابة رضوان الله تعالى عليهم: طعامه ما طفا على وجه الماء.

والى هذا يشير قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو الطهور ماؤه والحل ميتته.

والصحيح فى حديث العنبر أنهم وجدوه بشاطئ البحر ميتا فأكلوا منه وقدموا منه الى النبى صلّى الله عليه وسلّم فأكل منه.

نعم ان انتفخ الطافى بحيث يخشى منه السقم فانه يحرم للضرورة.

قاله الجوينى والشاشى. ولا يتوقف حل السمك على موته فانه يحل بلع سمكة حية كما يحل قلى صغار السمك من غير أن يشق جوفه.

ولو وجد سمكة فى جوف سمكة حل أكلها الا أن تكون قد تغيرت فيحرم لأنها صارت كالقئ هذا حكم السمك.

أما غير السمك مما ليس على صورة السمك المشهورة من حيوان البحر مثل خنزير الماء وكلبه فانه حلال فى الأصح المنصوص لاطلاق الآية والحديث المارين وقد روى عن ابى بكر رضى الله تعالى عنه أنه قال: كل دابة تموت فى البحر فقد ذكاها الله لكم.

وقيل: لا يحل لأنه لا يسمى سمكا والأول يقول بأنه يسمى سمكا.

وعلى الأول لا يشترط‍ فيه ذكاة لأنه حيوان ولا يعيش الا فى الماء.

وقيل: ان أكل مثله فى البر كالبقر والغنم حل أكله ميتا وان لم يؤكل مثله فى البر فلا يحل أكله مثل الكلب والحمار اعتبارا لما فى البحر بما فى البر، ولأن الاسم يتناوله فأجرى عليه حكمه فعلى هذا الوجه يكون ما لا نظير له فى البحر حلالا، لحديث العنبر (٢) المشهور فى الصحيح.


(١) الآية رقم ٩٦ من سورة المائدة.
(٢) العنبر: هى سمكة كبيرة بحرية يتخذ من جلدها التراس ويقال للترس عنبر، وفى الحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث سرية الى ناحية السيف فجاعوا، فساق الله لهم دابة يقال لها العنبر فأكل منها جماعة السرية شهرا حتى سمنوا (لسان العرب مادة عنبر)