للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[اجتهاد]

[الاجتهاد فى اللغة]

تحمل الجهد (أى المشقة)، فلا يستعمل لغة على سبيل الحقيقة إلا فيما فيه مشقة، فلا يقال اجتهد فى حمل الخردلة إلا على نحو من التجوز لضعف الحامل مثلا (١).

[الاجتهاد عند الأصوليين]

وهو فى اصطلاح الأصوليين بذل الفقيه غاية جهده فى تحصيل حكم شرعى بحيث يشعر من نفسه أنه عاجز عن المزيد على ذلك (٢).

وعرفه ابن حزم بأنه استنفاد الطاقة فى حكم النازلة حيث يوجد ذلك الحكم، لأن أحكام الشريعة كلها متيقن أن الله تعالى قد بينها بلا خلاف، وهى مضمونة الوجود لعامة العلماء، وإن تعذر وجود بعضها على بعض الناس، فمحال ممتنع أن يتعذر وجوده على كلهم، لأن الله تعالى لا يكلفنا ما ليس فى وسعنا، وما تعذر وجوده على الكل فلم يكلفنا الله تعالى إياه (٣).

والاجتهاد نوعان عند من يقول بإمكان تجزى الاجتهاد: اجتهاد مطلق فى جميع الأحكام، وهو ما يقتدر به على استنباط‍ الأحكام القليلة من أمارة معتبرة عقلا أو نقلا فى الموارد التى يظفر فيها بها (٤).

واجتهاد فى حكم دون حكم، وهو ما يقتدر به على استنباط‍ بعض الأحكام، ولا بد بالنسبة للمجتهد فى هذا من أن يعرف جميع ما يتعلق بهذا الحكم، ومن جملة ما يعرفه فيه أن يعلم أنه ليس مخالفا لنص أو إجماع ولا يشترط‍ معرفة ما يتعلق بجميع الأحكام، ويشترط‍ للاجتهاد المطلق عند أهل السنة شروط‍:

الأول: معرفة مواقع آيات الأحكام من الكتاب بحيث يتمكن من الرجوع إليها عند الحاجة، ولا يتمكن من الرجوع إليها إلا إذا عرف:

(أ) معانى مفرداتها وتراكيبها وخواص ذلك فى الإفادة والاستفادة.

فمعرفة معانى مفرداتها تقتضى أن يعرف وضع كل منها مما يدرك بدراسة كتب اللغة والصرف، ومعانى التراكيب تحتاج إلى النحو، وخواص ذلك تحتاج إلى علوم البلاغة من المعانى والبيان.

(ب) معانيها شريعة، وتتوقف على معرفة علم أصول الفقه، فيعرف علل الأحكام الشرعية كمعرفة أن الحدث المعبر عنه بقوله تعالى: «أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ‍» علته النجاسة فقيس عليه كل خارج نجس وكمعرفة العلة فيما له مفهوم موافق، إذ أن المجتهد لمعرفته بالأحكام المتبادرة لكل


(١) ترتيب القاموس المحيط‍ ج‍ ١ ص ٤٦٧ مادة جهد.
(٢) انظر التلويح حاشية التوضيح على متن التنقيح ج‍ ٢ ص ١١٧، ١١٨، مطبعة دار الكتاب العربى ومختصر المنتهى ج‍ ٢ ص ٣٨٩، ٣٩٠ من القسم المطبوع بمطبعة الخشاب بمصر.
(٣) الأحكام لابن حزم ج‍ ٨ ص ١٣٣ الطبعة الأولى سنة ١٣٤٧ هـ‍.
(٤) الأصول العامة للفقه المقارن ص ٥٧٩ الطبعة الأولى طبع بيروت سنة ١٩٦٣.