للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يجب إحضاره له، والذي عندى أنه يجب أن يحضره له إذا أراد أن يحلف لما يحلف ويعطله عنه بعد الحلف لأنه ولو لم يكن له إلا بعد الحلف في الحكم لكن يمكن أن يكون له في نفس الأمر فهو كالعرض المتحاكم عليه يجب أن يحضر محل الحكم (١).

[حكم امتناع الشاهد عن أداء الشهادة]

[مذهب الحنفية]

جاء في بدائع الصنائع أن الذي يلزم الشاهد هو أداء الشهادة لله سبحانه وتعالى فيما سوى أسباب الحدود لقوله عز وجل: {وأقيموا الشهادة لله} (٢) وقوله سبحانه وتعالى: {كونوا قوامين بالقسط شهداء لله} (٣) إلا أن في الشهادة القائمة على حقوق العباد وأسبابها لابد من طلب المشهود له لوجوب الأداء فإذا طلب وجب عليه الأداء حتى لو امتنع بعد الطلب يأثم لقول الله سبحانه وتعالى {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا} (٤) أي دعوا لأداء الشهادة لأن الشهادة أمانة المشهود له في ذمة الشاهد، وقال الله عز وجل: {وليؤد الذي أؤتمن أمانته} (٥)، وقال جل شأنه: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} (٦)، وأما في حقوق الله تبارك وتعالى وفيما سوى أسباب الحدود نحو طلاق امرأة وإعتاق عبد والظهار والإيلاء ونحوها من أسباب الحرمات فإنه تلزمه الإقامة حسبة لله تبارك وتعالى عند الحاجة إلى الإِقامة من غير طلب من أحد من العباد، وأما في أسباب الحدود من الزنا والسرقة وشرب الخمر والقذف فهو مخير بين أن يشهد حسبة لله تعالى وبين أن يستر لأن كل واحد منهما أمر مندوب إليه، قال الله تبارك وتعالى: {وأقيموا الشهادة لله} وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا والآخرة" وقد ندبه الشرع إلى كل واحد منهما إن شاء اختار جهة الحسبة فأقامها لله تعالى وإن شاء اختار جهة الستر فيستر على أخيه المسلم (٧).

[مذهب المالكية]

جاء في مواهب الجليل أن تحمل الشهادة إن افتقر إليه فرض كفاية، وقال ابن رشد رضى الله تعالى عنه في شرح المسئلة الثالثة والعشرين من رسم نذر من سماع ابن القاسم من الجامع: من دعى أن يشهد على أمر جائز أو مستحب أو واجب فالإِجابة عليه فرض من فروض الكفاية، ومن دعى أن يشهد على مكروه فيكره له أن يشهد عليه، ومن دعى أن يشهد على حرام فلا يحل له أن يشهد عليه. وقال الدمامينى رحمه الله تعالى في كتاب الشهادات في قول النبى - صلى الله عليه وسلم - لا أشهد على جور، قال المهلب رحمه الله تعالى في الحديث من الفقه أن الإِنسان لا يضع اسمه في وثيقة لا تجوز، ومن العلماء من رأى جوازه بقصد الشهادة على الممنوع ليرد، قال ابن المنير رحمه الله تعالى:


(١) المرجع السابق ج ٧ ص ٢٠، ص ٢١ نفس الطبعة.
(٢) الآية رقم ٢ من سورة الطلاق.
(٣) الآية رقم ١٣٥ من سورة النساء.
(٤) الآية رقم ٢٨٢ من سورة البقرة.
(٥) الآية رقم ٢٨٣ من سورة البقرة.
(٦) الآية رقم ٥٨ من سورة النساء.
(٧) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للإِمام علاء الدين أبى بكر بن مسعود الكاسانى جـ ٦ ص ٢٨٢، ص ٢٨٣ الطبعة الأولى طبع مطبعة الجمالية بمصر سنة ١٣٢٨ هـ سنة ١٩١٠ هـ.