للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التجاوز لمسافة القصر وغيره. ولو امتنع الكفيل إحضاره لعدم الإمكان، أي لأنه تكليف ما لا يطاق ولا شئ عليه لأنه لم يكفل المال ولا فرق في الغائب المعلوم محله بين التجاوز لمسافة القصر وضكمره، ولو امتنع الكفيل من إحضاره حبس حتى يحضهره أو يؤدى ما عليه كما في النهاية والسرائر والشرائع وظاهر هذه الكتب أنه إذا أدى ما علمه وجب على المكفول له أن يقبل ويبرأ الكفيل بذلك، وفى التذكرة وجامع المقاصد أن المكفول له إذا لم يرض بأن يدفع الكفيل المال وطلب إحضار المكفول ألزمه الحاكم بإحضاره، وفى المسالك والمفاتيح والرياض أن ذلك أقوى، وفى الروضة أنه قوى، وفى مجمع البرهان أنه ليس ببعيد، والظاهر أنه لا خلاف بينهم في جواز الاكتفاء عن الإِحضار بأداء ما عليه إذا رضى به المكفول له، وإنما الخلاف فيما إذا لم يرض. وحجة الأولين أن الفرض حاصل فكان كما لو أدى دين الغريم أجنبى، نعم إن قيل هناك بعدم وجوب القبول أمكن هنا، بل لعل احتمال الوجوب هنا أقوى لأنه يريد الخلاص من الكفالة، والظاهر أن المكفول قد انعقد ضميره على ذلك من حين الكفالة لأن الظاهر أن مقتضاها لزوم المال إن لم يحضره فإلزامه بالإحضار تكليف وإضرار وقد يكون لا غرض له إلا اللجاج، إلا أن تقول أنه إذا علم منه ذلك لم يجب. وحجة ما في التذكرة أنه قد يكون له غرض يتعلق بالأداء أو بالأداء من الغريم بخصوصه فإن الأغراض قد تتفاوت إذ قد يكون ماله لا يخلو عن شبهة أو يخاف أنه أظهر مستحقا لا يقدر على أخذ بدله منه ولأنه مقتضى الشرط، وهذا أقوى وينقدح من ذلك أنه لا يجب قبول الحق من غير من هو عليه (١).

[مذهب الإباضية]

جاء في شرح النيل أنه إن قضى حميل لمحول له خلاف ماله خير المحمول عليه في أن يغرم للحميل مثل ما قضى للمحمول له وإن لم يكن لى مثل أخذ قيمته بالتقويم إن شاء، وفى أن يعطى للحميل مثل ما تحمل الحميل به عليه لا ما قضى للمحمول له، وإنما لم يلزمه أن يعطى للحميل مثل ما قضى لأن الحمالة لم تعقد على القضاء بل على نفس الذين، فإن امتنع المحمول له من القضاء بل على نفس الدين فله، وإن رضيا بالقضاء فقضى له صح، فإن رضى المحمول عنه بأن يعطى للحميل مثل ما قضى أعطى، وإلا أعطى جنس الدين، ولأن إعطاء الحميل خلاف ما تحمل به مخالفة للنيابة لأن النيابة إنما هي فيما تحمل به والمنوب عنه إن خولف خير فالمحمول عنه مخير في إعطاء إن ما أعطى الحميل فيكون قد أمضى فعله امضاء كليا وفى إعطاء ما تحمل به فيكون قد أبطل مخالفته وأمضى أصل الحمالة، كما أن الوكيل إذا خلف الموكل كان الموكل مخيرا أو أن أعطى الحميل جنس الدين فأعطاه المحمول عنه غيره قضاء جاز إن رضى الحميل، وإلا أخذ عنه مثل ما أعطى، وأصل ذلك هو الوفاء بما كان العقد به، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الزعيم غارم" يعنى أنه غارم بما زعم به أعنى بما تكفل به لا بغيره إلا أن


(١) مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة للسيد محمد جواد بن محمد بن الحسينى العاملى جـ ٥ ص ٤٣٤، ص ٤٣٥ في كتاب على هامشه متن قواعد العلامة.