للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شروط‍ تحمل الشهادة وأدائها]

لا يجوز تحمل الشهادة وأداؤها الا عن علم.

والدليل عليه قوله تعالى. {وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً} (١).

وقوله تعالى «إِلاّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ»}. فأمر الله تعالى أن يشهد عن علم ..

وروى طاووس عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشهادة فقال: وهل ترى الشمس؟ قال نعم قال: فعلى مثلها فاشهد أودع.

وان كانت الشهادة على فعل كالجناية والغصب والزنا والسرقة والرضاع والولادة وغيرها مما يدرك بالعين لم تجز الشهادة به الا عن مشاهدة، لأنها لا تعلم الا بها.

وان كانت الشهادة على عورة ووقع بصره عليها من غير قصد جاز أن يشهد بما شاهد.

وان أراد أن يقصد النظر ليشهد، فالمنصوص عليه أنه يجوز، وهو قول أبى اسحاق المروزى، لأن أبا بكرة ونافعا وشبل بن معبد شهدوا على المغيرة بالزنا عند عمر رضى الله عنه فلم ينكر عمر ولا غيره نظرهم.

وقال أبو سعيد الاصطخرى: لا يجوز أن يقصد النظر لأنه فى الزنا مندوب الى الستر، وفى الولادة والرضاع تقبل شهادة النساء فلا حاجة بالرجال الى النظر للشهادة.

ومن أصحابنا من قال يجوز فى الزنا وغيره، لأن الزنا هتك حرمة الله تعالى بالزنا، فجاز أن تهتك حرمته بالنظر الى عورته وفى غير الزنا لم يوجد من المشهود عليه هتك حرمة فلم يجز هتك حرمته.

ومنهم من قال: يجوز فى غير الزنا ولا يجوز فى الزنا، لأن حد الزنا بنى على الدرء والاسقاط‍، فلا يجوز أن يتوصل الى اثباته بالنظر. وغيره لم يبن على الدرء والاسقاط‍ فجاز أن يتوصل الى اثباته بالنظر.

وان كانت الشهادة على قول كالبيع والنكاح والطلاق والاقرار لم يجز التحمل فيها الا بسماع القول ومشاهدة القائل، لأنه لا يحصل العلم بذلك الا بالسماع والمشاهدة.


(١) الآية رقم ٣٦ من سورة الاسراء.