للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{رَبِّكَ»، «وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي»، «مِمّا عَمِلَتْ أَيْدِينا} (١)».

وعلى هذا يكون المجمل نوعا من أنواع المتشابه عند الآمدى، فكل مجمل متشابه ولا عكس.

أما الإسنوى فقد جعل المتشابه جنسا لنوعين هما المجمل والمؤول، قال (٢): «ثم أن المجمل والمؤول مشتركان فى أن كلا منهما يفيد معناه إفادة غير راجحة، إلا أن المؤول مرجوح أيضا، والمجمل ليس مرجوحا بل مساويا، فالقدر المشترك بينهما من عدم الرجحان يسمى بالمتشابه، فهو جنس لنوعين: المجمل والمؤول».

[مسلك أهل الظاهر]

أما ابن حزم الظاهرى فبعد أن عرف المجمل بأنه «لفظ‍ يقتضى تفسيرا يؤخذ من لفظ‍ آخر» ذكر أن المتشابه لا يوجد فى شئ من الشرائع، ثم قرر بعد أن حصر مواضع المتشابه فى القرآن، أننا نهينا عن اتباع تأويله وعن طلبه، وأمرنا بالإيمان به جملة، وعلي هذا تكون العلاقة بين المجمل والمتشابه عنده التباين، إذ المجمل يؤخذ تفسيره من لفظ‍ آخر، بينما المتشابه لا يمكن تفسيره (٣)» (انظر أيضا: متشابه).

[العلاقة بين المجمل والعام]

يرى جمهور الأصوليين أن العام من قبيل الظاهر أو واضح الدلالة بينما يرى البعض أنه قسم من أقسام المجمل (٤).

ويقول صاحب التلويح «حكم العام التوقف عند البعض حتى يقوم الدليل لأنه مجمل لاختلاف أعداد الجمع، وأنه يؤكد بكل وأجمع، ولو كان مستغرقا لما احتيج إلى ذلك، ولأنه يذكر الجمع ويراد به الواحد كقوله تعالى: «الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ»، وعند البعض يثبت الأدنى، وهو الثلاثة فى الجمع والواحد فى غيره، وعندنا وعند الشافعى رحمه الله يوجب الحكم فى الكل، لأن العموم معنى مقصود فلا بد أن يكون لفظ‍ يدل عليه (٥).

ويقول عبد العزيز البخارى: «وقد تحزبوا فرقا، فمنهم من قال: ليس فى اللغة صيغة مبينة للعموم خاصة لا تكون مشتركة بينه وبين غيره، والألفاظ‍ التى ادعاها أرباب العموم لأنها عامة لا تفيد عموما ولا خصوصا، بل هى مشتركة بينهما أو هى مجملة، فيتوقف فى حق العمل والاعتقاد جميعا إلا أن يقوم الدليل على المراد، كما يتوقف فى المشترك أو كما يتوقف فى المجمل والخبر والأمر والنهى فى ذلك سواء، وهو مذهب عامة الأشعرية وعامة المرجئة، وإليه مال أبو سعيد البردعى من أصحابنا فعند هؤلاء لا يصح التمسك بعام أصلا (٦)».

(انظر أيضا: عام).


(١) راجع الإحكام للأمدى.
(٢) نهاية السول ج‍ ٢ ص ٦١.
(٣) انظر الإحكام لابن حزم ج‍ ١ ص ٤٨، ج‍ ٤ ص ١٢٣.
(٤) راجع المستصفى ج‍ ١ ص ٣٧٨.
(٥) راجع التلويح على التوضيح ج‍ ١ ص ٣٨ ومرقاة الوصول شرح مرآة الأصول مع حاشية الأزميرى ج‍ ١ ص ٣٥ وأصول البزدوى ج‍ ١ ص ٢٩١.
(٦) أنظر كشف الأسرار لعبد العزيز البخارى ج‍ ١ ص ٢٩٩ وما بعدها.