للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يجوز أن يمنع من المساجد أحد غير هؤلاء لا مجذوم ولا أبخر ولا ذو عاهة ولا امرأة بصغير معها فأما المرض والخوف فلا خلاف في ذلك لقول الله تبارك وتعالى {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (١) وكذا إضاعة المال. وقد نهى عليه السلام عن إضاعة المال وقد قالت عائشة أم المؤمنين رضى الله تعالى عنها أنى سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان. وعن نافع قال أذن ابن عمر في ليلة باردة بضجنان (موضع خارج مكة) ثم قال ألا صلوا في رحالكم فأخبرنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر مؤذنا يؤذن ثم يقول على أثره ألا صلوا في الرحال، ومن أتى (٢) مسجدا قد صليت فيه صلاة فرض جماعة بإمام راتب وهو لم يكن صلاها فليصلها في جماعة ويجزئه الأذان الذي أذن فيه قبل وكذلك الإِقامة ولو أعادوا أذانا وإقامة فحسن.

[مذهب الزيدية]

جاء في شرح الأزهار (٣): الأصل في مشروعية الجماعة الكتاب والسنة والإِجماع أما الكتاب فقول الله تبارك وتعالى: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (٤) قيل أراد صلاة الجماعة خلفه. وأما السنة فقوله صلى الله عليه وآله وسلم وفعله. أما قوله فآثار كثيرة منها قوله عليه الصلاة والسلام - صلى الله عليه وسلم -: صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته وحده أربعة وعشرين جزءا أو قال درجة. وفي البخارى سبعة وعشرين. وأما فعله فظاهر وأما الإِجماع فلا خلاف في كونها مشروعة واختلفت الأمة في حكمها فالمذهب أنها سنة مؤكدة في غير الجمعة وهو تحصيل أبو طالب وقول المؤيد بالله وحكاه في المغنى عن الناصر وزيد بن على، القول الثاني تحصيل أبو العباس وأحد تحصيلى أبو طالب وهو أحد قولى المنصور بالله أنها فرض كفاية، القول الثالث مذهب السيد أبو العباس الحسنى أنها فرض عين ثم اختلف هؤلاء هل هي شرط في صحة الصلاة أم لا فعن السيد أبى العباس أنها ليست بشرط يعنى فإذا صلاها فرادى أثم وأجزأ وعلى القول بأنها واجبة على الكفاية لم يسقط الوجوب إلا بفعلها في موضع لا يخفى على أهل البلد دون البيوت لأنها شعار بخلاف سائر فروض الكفايات فالمقصود حصوله، ويجب على الإمام والمؤتم طلبها في البلد والميل إذا قلنا بوجوبها، والأعذار التي تسقط بها الجماعة بعضها عذر عام وبعضها خاص فالعذر العام كمطر أو بود أو حر أو ريح في ليل لما ورد في ذلك عن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر مؤذنا يؤذن ثم يقول على أثره ألا صلوا في الرحال في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر، أخرجه البخارى ومسلم والموطأ والعذر الخاص حضور الطعام للجائع لما روى عن أنس رضى الله تعالى عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قدم العشاء فابدءوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب ولا تعجلوا عن عشائكم" أخرجه البخارى ومسلم. وفى رواية الترمذى إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء. ومن


(١) الآية رقم ٢٨٦ من سورة البقرة.
(٢) المحلى لابن حزم الظاهرى جـ ٤ ص ٢٣٦ وما بعدها مسألة رقم ٤٩٥ الطبعة السابقة.
(٣) انظر كتاب شرح الأزهار المتنوع من الغيث المدرار فى فقه الائمة الاطهار لأبى الحسن عبد الله بن مفتاح جـ ١ ص ٢٨٠، ص ٢٨١ وما بعدهما، طبع مطبعة حجازى. بالقاهرة سنة ١٣٥٧ هـ الطبعة الأولى.
(٤) الآية رقم ٤٣ من سورة البقرة.