للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يحل بموت الدائن ويسقط‍ أيضا عندهم بتنازل المدين عن الأجل المضروب باعتباره صاحب الحق فيه ما لم يكن فى ذلك ضرر بالدائن على ما بينا فى موضوع إبطال المدين حقه فى الأجل ..

[مذهب المالكية]

جاء فى متن خليل والشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليهما (١) وحل بموت المدين ما أجل عليه من الدين لخراب ذمته ما لم يشترط‍ المدين عدم حلوله به وما لم يقتل الدائن المدين عمدا فلا يحل كما لا يحل بموت رب الدين ولو كان الدين دين كراء لدار أو دابة أو عبد فإنه يحل بموت المكترى وقال الدسوقى إنه لو طلب بعض الغرماء بقاء دينه مؤجلا لم يجب لذلك لأن للمدين حقا فى تخفيف ذمته بحكم الشرع أما او طلب جميع الغرماء بقاء ديونهم مؤجلة كان لهم ذلك. ثم قال: إن ذلك هو المشهور من المذهب، ومقابله أن الدين المؤجل لا يحل بالموت كما لا يحل بالفلس. وانتهى بقوله فالدين إنما يحل بموت من عليه الدين لا بموت من له الدين.

[مذهب الشافعية]

قال الشافعى (٢): إذا مات الرجل وله على الناس ديون إلى أجل فهى إلى أجلها لا تحل بموته، ولو كانت الديون على الميت إلى أجل فلم أعلم مخالفا حفظت عنه ممن لقيت بأنها حالة يتحاص فيها الغرماء ويمكن أن يستدل بهذا بما جاء فى الأم أيضا: لما كان غرماء الميت أحق بماله فى حياته كانوا أحق بماله بعد وفاته من ورثته، فلو تركنا ديونهم إلى حلولها كما ندعها فى الحياة كنا منعنا الميت أن تبرأ ذمته ومنعنا الوارث أن يأخذ الفضل عن دين غريم أبيه.

وجاء فيها: ولعل من حجتهم أن يقولوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه دينه» قال الشافعى: فلما كان كفنه من رأس ماله دون غرمائه ونفسه معلقة بدينه وكان المال ملكا له أشبه أن يجعل قضاء دينه، لأن نفسه معلقة بدينه ولم يجز أن يكون مال الميت زائلا عنه فلا يصير إلى غرمائه ولا إلى ورثته، وذلك أنه لا يجوز أن يأخذه ورثته دون غرمائه، ولو وقف إلى قضاء دينه علق روحه بدينه وكان ماله معرضا أن يهلك فلا يؤدى عن ذمته ولا يكون لورثته فلم يكن فيه منزلة أولى من أن يحل دينه ثم يعطى ما بقى ورثته.

[مذهب الحنابلة]

ينص الحنابلة (٣) على أن من مات وعليه ديون مؤجلة ففى حلولها بالموت روايتان:

إحداهما لا تحل إذا وثقها الورثة وهو قول ابن سيرين. والرواية الأخرى أنه يحل بالموت وبه قال الشعبى والنخعى لأنه لا يخلو أما أن يبقى فى ذمة الميت أو الورثة أو يتعلق بالمال لا يجوز بقاؤه فى ذمة الميت لخرابها وتعذر مطالبته بها، ولا ذمة الورثة لأنهم لم يلتزموها ولا رضى صاحب الدين بذممهم وهى مختلفة متباينة ولا يجوز تعليقه على الأعيان وتأجيله لأنه ضرر بالميت وصاحب


(١) ج‍ ٣ ص ٢٦٦.
(٢) الأم ج‍ ٣ ص ١٨٨ طبع بولاق.
(٣) المغنى ج‍ ٤ ص ٤٣٥ مطبعة المنار.