للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقبل التأخير وإن قبله وقف حتى يخاف عليه الفساد فيباع ويوقف الثمن؛ ومن وجد عبدا أو غيره بيد أحد وادعى أنه له وأقام بينة أنه كان ينشد عبدا أو غيره أو قامت بينة ولو بالسماع أنه ابن له عبد أو ضل له كذا وادعى أن له بينة وطلب التوقيف ليأتى ببينة غير بعيدة أجل له الأجل اليسير كالخمسة والستة والسبعة أو دون ذلك لا أكثر وإن طلب بينة بعيدة حلف المدعى عليه أنه لايعلم له فيه حقا ويترك بيده وكذا أن قال أن لى شهادة بعيدة تشهد لى بأنى أنشد عبدا أو غيره حلف المدعى عليه ما يعلم فيه حقا له وإن كانت قريبة أجل له الأجل اليسير.

[إمهال المرتد]

[مذهب الحنفية]

جاء في بدائع الصنائع (١) في أحكام المرتدين أنه يستحب أن يستتاب المرتد ويعرض عليه الإسلام لاحتمال أن يسلم لكن لا يجب لأن الدعوة قد بلغته فإن أسلم فمرحبا وأهلا بالإسلام وإن أبى نظر الإمام في ذلك فإن طمع في توبته أو سأل هو التأجيل أجله ثلاثة أيام وإن لم يطمع في توبته ولم يسأل هو التأجيل قتله من ساعته والأصل فيه ما روى عن سيدنا عمر رضى الله عنه أنه قدم عليه رجل من جيش المسلمين فقال هل هندكم من مغرية خبر قال نعم رجل كفر بالله تعالى بعد إسلامه فقال سيدنا عمر رضى الله عنه ماذا فعلتم به قال قريناه فضربنا عنقه فقال سيدنا عمر رضى الله عنه هلا طينتم عليه بيتا ثلاثًا وأطعمتموه كل يوم رغيفا واستتبتموه لعله يتوب ويرجع إلى الله سبحانه وتعالى اللهم إنى لم أحضر ولم آمر ولم أرض إذ بلغنى وهكذا روى عن سيدنا على كرم الله وجهه أنه قال كان يستتاب المرتد ثلاثا وتلا هذه الآية {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا} (٢) ولأن من الجائز أنه عرضت له شبهة حملته على الردة فيؤجل ثلاثا لعلها تتكشف في هذه المدة فكانت الاستتابة ثلاثا وسيلة إلى الإسلام عسى تندب إليها فإن قتله إنسان قبل الاستتابة يكره له ذلك ولا شئ عليه لزوال عصمته بالردة وتوبته أن يأتى بالشهادتين ويبرأ عن الدين الذي انتقل إليه فإن تاب ثم ارتد ثانيا فحكمه في المرة الثانية كحكمه في المرة الأولى أنه إن تاب في المرة الثانية قبلت توبته وكذا في المرة الثالثة والرابعة لوجود الإيمان ظاهرا في كل كرة لوجود ركنه وهو إقرار العاقل وقال الله تبارك وتعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} فقد أثبت سبحانه وتعالى الإيمان بعد وجود الردة منه والإيمان بعد وجود الردة لا يحتمل الرد إلا انه إذا تاب في المرة الرابعة يضربه الإمام ويخلى سبيله وروى عن أبى حنيفة رضى الله عنه أنه إذا تاب في المرة الثالثة حبسه الإمام ولم يخرجه من السحن حتى يرى عليه أثر خشوع التوبة والإخلاص. وأما المرأة فلا يباح ومنها إذا ارتدت ولا تقتل عندنا ولكنها تجبر على الإسلام وإجبارها على الإسلام أن تحبس وتخرج في كل يوم فتستتاب ويعرض عليها الإسلام فإن أسلمت وإلا حُبست ثانيا هكذا إلى أن تسلم أو تموت.


(١) بدائع الصنائع للكاسانى ج ٧ ص ١٣٤ ص ١٢٥ طبع مطبعة الجمالية بمصر الطبعة الأولى ١٢٢٨ هـ
(٢) الآية ١٣٧ من سورة النساء.