للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكنها تؤمر بضم التيمم إليه في حق الصلاة احيتاطًا لاشتباه الحال فيه.

هذا وقد قيل: تنقطع الرجعة بنفس الشروع في الصلاة عندهما؛ والصحيح أنها لا تنقطع حتى تفرغ من الصلاة؛ لأن الحال بعد شروعها في الصلاة كالحال قبله، ألا ترى أنها تبطل برؤية الماء بخلاف ما بعد الفراغ منها.

وقال الكرخى: لو قرأت القرآن بعد التيمم أو مست المصحف أو دخلت المسجد تنقطع الرجعة؛ لأن صحة القراءة وجواز مس المصحف حكم من أحكام الطاهرات كجواز الصلاة.

وقال أبو بكر الرازى: لا تنقطع الرجعة؛ لأنها اتباع للصلاة فلا يعطى لها حكمها.

ولو اغتسلت ونسيت أقل من عضو تنقطع الرجعة، أما لو نسيت عضوًا فلا تنقطع الرجعة؛ وذلك كاليد والرجل، وهذا استحسان. والقياس في العضو الكامل أن تنقطع الرجعة؛ لأنها غسلت الأكثر وله حكم الكل.

وفيه قياس آخر: أن الرجعة لا تبقى فيما دون العضو أيضًا، لأن حكم الحدث لا يتجزًا زوالًا كما لا يتجزأ ثبوثًا فبقيت على ما كانت قبل الاغتسال، لهذا لم يجز لها من الأحكام ما لا يجوز للحائض (١).

[مذهب المالكية]

جاء في (الشرح الكبير): أن المطلقة إن قالت عند قصد الزوج ارتجاعها: أنا حضت ثالثة فلا رجعة لك عليَّ، فأقام الزوج بينة شهدت على قولها قبل هذا القول بما يكذبها بأن شهدت بأنها قالت: لم أحض أصلًا، أو لم أحض ثالثة وليس بين قوليها ما يمكن أن تحيض فيه فتصح رجعته، فإن لم يقمها لم تصح، ولو رجعت لتصديقه أو أشهد الزوج برجعتها في العدة فصمتت يومًا أو بعضه ثم قالت: كانت عدتى قد انقضت قبل إشهادك برجعتى فتصح رجعته وتعد نادمة بقولها: كانت عدتى قد انقضت قبل إشهادك برجعتى. ومفهوم (صمتت) أنها لو بادرت بالإنكار لم يصح إن مضت مدة يمكن فيها انقضاء العدة، وصحت رجعة الزوج إن ادعى بعد انقضاء العدة أنه كان راجعها في العدة وكذبته فلم يصدق؛ لعدم البينة فتزوجت بغيره ثم ولدت ولدًا كاملًا لدون ستة أشهر من وطء الثاني لحق بالأول لظهور كون الحمل منه، ويفسخ نكاح الثاني، وردت إلى الأول برجعته التي ادعاها ولم تصدقه عليها؛ لأنه تبين أنها حين الطلاق كانت حاملًا وعدة الحامل وضع حملها كله، ولم تحرم الزوجة على الزوج الثاني تأبيدًا إذا مات الأول أو طلقها، لأنا لما ألحقنا الولد بالأول لزم أن يكون الثاني تزوج ذات زوج لا معتدة، وإن راجعها ولم تعلمه بالرجعة حتى انقضت العدة وتزوجت فإن تلذذ بها الثاني غير عالم بأنه راجعها فاتت على المراجع وإلا فلا.

وإن ادعت المطلقة انقضاء العدة في مدة يندر انقضاؤها فيها كالشهر لجواز أن يطلقها أول ليلة من الشهر وهى طاهر فيأتيها الحيض وينقطع قبل الفجر، ثم يأتيها ليلة السادس عشر وينقطع قبل الفجر، أيضًا، ثم يأتيها آخر يوم من الشهر بعد الغروب؛ لأن العبرة بالطهر في الأيام، ولا يفيدها تكذيبها نفسها إذا قالت: كنت كاذبة في قولى هذا انقضت عدتى، فلا تحل لمطلقها إلا


(١) تبيين الحقائق: ٣/ ٢٥١، وما بعدها، وانظر: بدائع الصنائع ٣/ ١٨٣ - ١٨٤، والمبسوط: ٦/ ٢٣، ٢٨.