للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واذا تنازع المنفق والمنفق عليه - بعد قدوم المنفق من سفره - فى اليسار والاعسار ولا بينة لاحدهما فقال المنفق: كنت معسرا حال غيبتى فلا نفقة على. وقال المنفق عليه بل كنت موسرا فيلزمك نفقة ما مضى فان المعتبر فى ذلك حال قدوم المنفق من سفره فيعمل عليه ان جهل حال خروجه اعسارا ويسارا فان قدم المنفق من سفره معسرا فالقول قوله بيمينه وان قدم موسرا فالقول قول المنفق عليه بيمينه، وان علم حال خروج المنفق الى سفره يسارا واعسارا عمل به حتى يتبين خلافه، فان كان موسرا حينئذ فالقول قول المنفق عليه بيمينه، وان كان معسرا فالقول قول المنفق بيمينه، ويجرى هذا التفصيل أيضا على تنازع الزوجين فى اعسار الزوج (١).

[مذهب الشافعية]

اعسار الوالدين وان علوا وعجزهم عن الكسب بالفعل شرط‍ فى وجوب النفقة لهم ذكورا واناثا على أولادهم وان نزلوا ذكورا واناثا.

وكذلك اعسار الأولاد المذكورين وعدم قدرتهم على الكسب شرط‍ فى وجوب النفقة لهم على الوالدين المذكورين.

كما يشترط‍ فى المنفق من هؤلاء أن يكون موسرا فلا تجب على معسر لأنها وجبت للمواساة والمعسر ليس من أهلها والاعسار بها يتحقق بعدم وجود فاضل للانسان عما يحتاج اليه من قوته وقوت عياله فى يومه وليلته التى تليه وكل ما لا غنى لمثله عنه.

واذا كان المنفق معسرا قادرا على الكسب ويمكنه أن يكتسب ما يفضل عن احتياجاته المذكورة فانه يجبر على الاكتساب الحلال اللائق به لينفق على قريبه على الأصح.

وقيل: لا يجبر على التكسب كما لا يجبر عليه لقضاء الدين.

أما ان كان المنفق عليه معسرا قادرا على الكسب وامتنع منه ففى وجوب النفقة له أقوال.

أظهرها: انها تجب للوالدين المعسرين لا المولودين، لأن تكليف الوالدين الكسب مع كبر سنهم ليس من المعاشرة بالمعروف المأمور بها الأولاد.

وقيل: لا تجب لمعسر قادر على الكسب، سواء كان أصلا أو فرعا، لأنه غنى بكسبه وسواء كان ذكرا أو أنثى.

وقيل: الأحسن انها تجب للأصل والفرع ولا يكلفان الكسب لأنه يقبح أن يكلف الانسان أصله أو فرعه الكسب مع اتساع ماله (٢).


(١) الخرشى ج ٤ ص ٢٣٢، حاشية الدسوقى والشرح الكبير للدردير ج ٢ ص ٥٣٠ - ٥٣١
(٢) حاشية البجرمى على الإقناع ج ٤ ص ٦٨ - ٦٩، حاشية القليوبى على الشرح المحلى للمنهاج ج ٤ ص ٨٤ - ٨٥، تحفة المحتاج ج ٣ ص ٣٨٥ - ٣٨٦، اسنى المطالب ج ٣ ص ٤٤٣