للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمكره مباشر ولا الى أن شريك المخطئ لا قود عليه لأنه معه كالآلة (١).

ولو شهدا على آخر بما يوجب القصاص فى نفس أو طرف أو بردة أو بسرقة فقتل، أو قطع بأمر الحاكم بشهادتهما، ثم رجعا عنها وقالا:

تعمدنا الكذب، وعلمنا أنه يقتل بها لزمهما القصاص، فان عفى عنهما فدية مغلظة، لأنهما تسببا فى اهلاكه بما يقتل غالبا (٢).

[مذهب الحنابلة]

اذا أمسك انسان رجلا فقتله آخر فلا خلاف فى أن القاتل يقتل لأنه قتل من يكافئه عمدا بغير حق، وأما الممسك فان لم يعلم ان القاتل يقتله فلا شئ عليه وان كان يعلم أنه سيقتله فقد اختلفت الرواية فيه عن أحمد.

فروى عنه أنه يحبس حتى يموت، لما رواه الدار قطنى باسناده عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلّم قال: اذا أمسك الرجل وقتله الآخر يقتل الذى قتل ويحبس الذى أمسك، ولأنه حبسه الى الموت فيحبس الآخر الى الموت، كما لو حبسه عن الطعام والشراب حتى مات فاننا نفعل ذلك به حتى يموت.

وروى عن أحمد أنه يقتل أيضا لأنه لو لم يمسكه ما قدر على قتله وبامساكه تمكن من قتله، فالقتل حاصل بفعلهما، فيكونان شريكين فيه فيجب عليهما القصاص.

وقد رجح ابن قدامة الرواية (٣) الأولى.

ولو أمر صبيا لا يميز أو مجنونا أنه يقتل الآمر دون المباشر (٤).

وان وضع رجل حجرا، وحفر آخر بئرا، أو نصب سكينا فعثر آخر بالحجر، فوقع فى البئر أو على السكين، فهلك فالضمان على واضع الحجر دون الحافر وناصب السكين، لأن واضع الحجر كالدافع له، واذا اجتمع الحافر والدافع فالضمان على الدافع وحده (٥).

وان شهد رجلان على رجل بجرح، أو قتل، أو سرقه قد توجب القطع، أو زنا يوجب الرجم أو الجلد ونحو ذلك فاقتص منه، أو قطع بالسرقة، أو حد، فأفضى الى تلفه، ثم رجعا عن الشهادة لزمهما ضمان ما تلف بشهادتهما كالشريكين فى الفعل، ويكون الضمان فى مالهما لا تحمله عاقلتهما، لأنها لا تحمل اعترافا، وهذا ثبت باعترافهما.


(١) نهاية المحتاج ج ٧ ص ٢٤٤، ٢٤٥.
(٢) نهاية المحتاج ج ٧ ص ٢٤١.
(٣) المغنى ج ٩ ص ٤٧٧، ٤٧٨.
(٤) المغنى ج ٩ ص ٤٧٨ - ٤٧٩.
(٥) المغنى ج ٩ ص ٥٦٥ - ٥٦٦.